عرض مشاركة واحدة
قديم 26 / 07 / 2009, 34 : 06 AM   #4
wafei 
مدير عام المنتديات

 


+ رقم العضوية » 1
+ تاريخ التسجيل » 16 / 04 / 2001

+ الجنسْ »

+ الإقآمـہ »

+ مَجموع المشَارگات » 37,652
+ معَدل التقييمْ » 10199
شكراً: 264
تم شكره 102 مرة في 99 مشاركة

wafei غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مذكرات : مغتربة في الأفلاج ...


مذكرات مغتربة في الأفلاج (4)
فندق نصف نجمة

وصلنا إلى محطتنا المرتقبة بحمد الله بعد رحلة برية متعبة استغرقت أكثر من ثماني ساعات كنا نقنع أنفسنا فيها بأننا جئنا لاستطلاع الوضع فقط، وبيني وبينكم لم أكن لأتراجع عن الوظيفة التي بت أكثر احتياجا لها من ذي قبل حتى لو كان الراتب ألفين فقط، أتدرون لماذا؟؟ لأنني سأنظر بتفاؤل إلى المستقبل وإلى ما بعد الألفين لأن الحاجة والاضطرار جعلاني متفائلة بالإكراه.
لا خيار أمامنا بعد أن شددنا الرحال وقد استوعبنا صدمة انعدام وسائل النقل الموصلة إلى هنا إلا باصات النقل الجماعي (عسانا ما ننحرم منها) حيث أبشركم لا مطار ولا قطار.
لم يتخلل هذه الرحلة الميمونة إلا بضع دقائق لأداء الصلاة أو تناول بعض الوجبات الخفيفة من بعض المطاعم القذرة النادرة على الطريق أو بعض البقالات وكنا نفضل تناول البسكويت المغلف والمياه المعدنية خوفا من الأمراض، وصلنا بعد أن تصفحنا طوال الطريق كتاب حياتنا أنا وليلى منذ أن كنا فتيات نعلق الأكياس على أكتافنا مملوءة بالمجلات القديمة تخيلا منا بأنها حقيبة مدرسية، ومنذ أن كنا نتقلب على فراش الأحلام مترقبات لأول يوم دراسي في حياتنا حيث نخشى من إغماض أجفاننا في أهم جزء من الحلم، لذلك نبقى متيقظات طوال الليل، منذ أن كانت أمهاتنا يفككن جديلاتنا ويعدن تضفيرها من جديد تحت إلحاحنا لكي نبدو في أجمل صورة وأروع هندام ونحن نتوجه إلى فصولنا الدراسية الصغيرة، وحتى بتنا نخشى من التخرج من الجامعة خوفا من اللحاق بطابور المترقبات إلى ما لا نهاية. نزلنا من الباص فبدا كل شيء حولنا غريبا، الوجوه والمكان واللهجة والملامح كل شيء.. لم أشعر إلا وأنا أقبض بشدة على ذراع أبي النحيلة، بدت ليلى أكثر شجاعة وتقبلا للوضع مني، تحدرت الدموع من عيني، خاطبتها: ليلى لا أريد وظيفة أرغب في العودة إلى بيتنا أرغب في العودة إلى أمي.. ضحكت ليلى التي تغلب عليها النكتة حتى في أصعب المواقف وقالتها بشكل كوميدي "أبأي سلمي لي على ماما" وددت لو أطبق كفيّ على رقبتها. إلا أنها هدأت من روعي بعض الشيء. وقفنا بعض الوقت في محطة الخالدية وهو اسم المكان الذي تتوقف فيه باصات النقل الجماعي في الأفلاج وهو المكان الأكثر نشاطا حيث محطة النقل الجماعي بين مغادر وقادم بالإضافة إلى مطعم كبير ومقهى للرجال وبقالة. مكثنا طويلا ونحن ننتظر سيارة أجرة حتى عرض سائق وانيت على أبي أن يوصلنا إلى وجهتنا فشكره أبي "ما ودنا نعطلك بس يا ليت تقول لي وين ألقى تاكسى" ضحك الرجل بصوت عال وقال وهو يغالب ضحكته يبدو أنكم من أهل الشرقية؟ قال أبي نعم، قال الرجل سيارة الأجرة عندنا هي هالوانيتات وأشار إلى سيارته، شعر أبي ببعض الإحراج إلا أنه ابتسم وهو يلتفت إلى والد ليلى هاتو الشنط يا بو إبراهيم.
ركبنا ثلاثة في الخلف أبي بجانب النافذة ثم أنا ثم ليلى وركب والدها بجانب السائق وكنت أشعر بجسم ليلى يهتز من شدة الضحك إلا أنها واضعة يدها على فمها، ثم همست في أذني قبل أن تواصل الضحك أجل ليموزين أبيض ولوحة مكتوب فوقها أجرة ها؟؟ وتعود للضحك من جديد.
كنت أتأمل المباني على جانبي الطريق لا مكان للفلل الفخمة هنا ولا للعمارات التي تزيد عن الثلاثة أدوار ولا للسيارات الفارهة، العمران بدائي جدا والبيوت بها الكثير من الأخطاء المعمارية الواضحة التي تستطيع اكتشافها بسهولة وكأن من قام برسم هذا المنزل أو ذاك طفل في الابتدائية. لفت نظري وأثار استغرابي بالفعل انتشار اسم ليلى بشكل كبير.. مخبز ليلى بقالة ليلى محل ليلى للحلويات، إلى أن عرفت لاحقا أن هذه المنطقة وسط الأفلاج تسمى ليلى.
طلب والد ليلى صديقتي من السائق أن يوصلنا إلى أفضل فندق في المنطقة، وعندما نطلب الأفضل فهذا لا يعني أننا من علية القوم ولكن الأفضل في منطقة بدائية كهذه سيكون الأقل سوءا على ما نتمنى. عاد الرجل المزعج للقهقهة من جديد (هو فندق واحد ما فيه غيره وهذا احنا وصلناه) وأشار بيده إلى بناء نصفه من الأسمنت ونصفه من الصفيح ويتكون من دورين وقال تفضلوا يا هلا والله ومسهلا بأهل الشرقية.
رأيته يرفض النقود التي أعطاه أبي وحلف ما ياخذها، قائلا انتو ضيوفنا وترى ما سوينا إلا الواجب. شكره أبي وجزّاه خيرا.

  رد مع اقتباس