الموضوع: سجين الوهم
عرض مشاركة واحدة
قديم 07 / 06 / 2012, 45 : 08 AM   #1
عبدالله 12 
مدير المنتدى العام

 


+ رقم العضوية » 52810
+ تاريخ التسجيل » 17 / 04 / 2011

+ الجنسْ »

+ الإقآمـہ »

+ مَجموع المشَارگات » 2,588
+ معَدل التقييمْ » 1365
شكراً: 16
تم شكره 75 مرة في 68 مشاركة

عبدالله 12 غير متواجد حالياً

افتراضي سجين الوهم


قابلته بعد غياب أربعة أشهر، ووجدته غير الشخص المرح المتفائل الذي أعرفه، فقد تغيّر كثيراً، وكأنما قد زاد عمره أكثر من عشرة أعوام، وأصبح كالوردة الذابلة، وعرفت لاحقاً بإن التوهم هو السبب الرئيسي لما حل به حيث أصبح أسيراً للوهم الذي أحاط به من كل جانب.
بعد ذلك تذكرت هذا البيت من الشعر لأمير الشعراء أحمد شوقي ضمن القصيدة الرائعة "نهج البردة" التي نظمها في مدح سيد البشر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم:

أبوا الخروج إليك مـن أوهامهـم * * * والنـاس فـي أوهامهـم سجنـاء

حيث يذكر الشاعر في عجز البيت التأثير الكبير للوهم على حالة من يتوّهمون، وكيف أن التوهم قد يجعل الواهم كالسجين المقيّد لا حول له ولا قوة.

من المعروف عن التوهم أنه من الأمراض النفسية، وهو عبارة عن خيالات وتهيئات غير حقيقية تنعكس على شخصية المتوهم سلباً، وتضخّم الواقعة إلى أبعاد ونتائج غير حقيقية، سواء كان ذلك الوهم ظناً في الغير، أو تخيّلاً لأشياء غير موجودة، أو غير ذلك من الأوهام التي قد تسيطر على تصرفات وحياة البعض.
تكمن خطورة الوهم في كونه اعتقاداً قد يجر صاحبه إلى المهالك، فكم ضيع الوهم من الفرص على كثير من الناس وكم تسببت الأوهام في تشتيت جهودهم،
وكم تسبب الوهم في قطع الكثير من الوشائج والعلاقات القوية،
فقد أخسر صديقاً عزيزاً إذا توهمت خاطئاً سوء ظنه أو سوء فعله،
وقد يتسبب الوهم في تفكيك أسرة كانت تعيش بسعادة، ثم تسلل الوهم إلى الزوج أو الزوجة فكانت النتيجة انفصال عُرى تلك الأسرة.
كما قد يؤثر الوهم سلباً على الطالب إذا توهم استحالة نجاحه في مرحلة ما أو في مادة من المواد،
وقد يؤثر على الموظف فيعتقد بأنه لا أمل له في الترقية فيتقوقع على نفسه ويخسر وظيفته ويخسر معها كل شيء.
ويكون خطر الوهم أكبر متى ما تسلل إلى نفوس المفكرين وإلى أهل العلم الذين تعقد عليهم الأمة الأمل في مستقبل مشرق بعد توفيق الله.
لذ فإنه من الضروري جداً المبادرة لعلاج أي خلل نفسي يعترينا وذلك بالرجوع إلى كتاب الله وسنة نبيه المطهرة.

إن علاج الوهم بيد المتوهم نفسه بعد إرادة الله، حيث يعتمد نجاح هذا العلاج في الأساس على قوة إيماننا بالله، وحسن التوكل عليه، والمقدرة على الصبر على البلاء، ولعل الحديث الشريف الذي رواه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما والذي قال فيه: كنت خلف النبي صلى الله عليه وسلم يومًافقال: [ يا غلام إني أعلمك كلمات: أحفظ الله يحفظك , أحفظ الله تجده تجاهك, إذاسألت فاسأل الله, وإذا استعنت فاستعن بالله, واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيءلم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك, رفعت الأقلام, وجفت الصحف] ( أخرجه الترمذي)، لعل هذا الحديث الشريف يكون نصب أعيننا ليزيدنا ثقة بالله ثم بأنفسنا بأن ما أصابنا لم يكن ليخطئنا، وما أخطأنا لم يكن ليصيبنا.
ليكن يقيننا دوما أننا متى ما كنا مع الله فإنه سيكون معنا، وإننا بأذنه تعالى قادرون على تحقيق أهدافنا كأمة وكأفراد متى ما توكلنا على الله بعد اتخاذنا الأسباب لتحقيق تلك الأهداف، وإلا فإننا قد نجد أنفسنا أسرى لأوهامنا، قد انطبق علينا قول الشاعر الذي ذكرته سابقاً "والناس في أوهامهم سجناء".

  رد مع اقتباس