عرض مشاركة واحدة
قديم 28 / 09 / 2013, 39 : 08 AM   #1
عبدالله 12 
مدير المنتدى العام

 


+ رقم العضوية » 52810
+ تاريخ التسجيل » 17 / 04 / 2011

+ الجنسْ »

+ الإقآمـہ »

+ مَجموع المشَارگات » 2,588
+ معَدل التقييمْ » 1365
شكراً: 16
تم شكره 75 مرة في 68 مشاركة

عبدالله 12 غير متواجد حالياً

افتراضي التكلّف والسجيّة



روت أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما في الحديث الصحيح أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إن لي ضرة، فهل عليّ جُناح أن أتشبع من مال زوجي بما لم يُعطني ؟. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (المتشبع بما لم يُعطَ، كلابس ثوبي زور).أخرجه البخاري في صحيحه (باب النكاح).
وفي هذا الحديث تسأل امرأةُ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حكم أن تأخذ من مال زوجها بدون علمه لتتزين بهذا المال حتى تُظهر لضرتها أن لها حظوة أكثر منها عند زوجهما، فأجابها عليه الصلاة والسلام بأن من يُظهر أن عنده ما ليس عنده يتكثر بذلك عند الناس ويتزين بالباطل فهو مذموم كما يذم من يلبس ثياب أهل الزهد والعبادة والورع ومقصوده أن يظهر أملم الناس أنه متصف بتلك الصفة ويظهر من التخشع والزهد أكثر مما في قلبه فهذه ثياب زور ورياء.
وهذا الحديث الشريف يدعونا باختصار إلى أن نكون على سجيتنا الطبيعية وأن نبتعد عن التكلف المبالغ فيه في جميع أمورنا.

والتكلف هو اجتهاد المرء في إظهار مستواه ليكون فوق حقيقته تظاهراً أو مجاملة للآخرين إمّا لتغطية نقص أو للتصنّع والتفاخر.
وعكس التكلف هو أن يكون الشخص على سجيته وطبيعته التي فطره الله عليها وأن يكون صادقاً في تعامله مع الغير، ويعتمد في ذلك غالباً على ثقة الشخص بنفسه، وكلما كان الشخص واثقاً من نفسه كان طبيعيا في كلامه وتصرفاته فيشد الناس إليه.

ويكون التكلف مع الآخرين بعدة صور منها التكلف المبالغ فيه بإطعام الضيوف الطعام ولو كان ذلك على حساب قوت الشخص وأسرته، أو التكلف بلبس لا يتطابق مع واقع لابسه مما قد يُعطي انطباعاً غير حقيقي عنه، وقد يكون التكلف بالحديث لهجة ومضموناً مثل أن يتحدث الشخص بلهجة غير لهجته الأصلية التي يجيدها، وذلك بهدف التقليد أو خداع الآخرين، فينتهي به الأمر ليكون مثل الغراب الذي حاول أن يُقلّد الحمامة في مشيتها، فلم يتقنها وأضاع مشيته الأصلية.

ويشمل ذلك أيضاً التكلف والمبالغة الزائدة عن حد الاعتدال في إظهار المشاعر والعواطف التي يتبادلها الناس فيما بينهم ، ويدخل فيها المبالغة في الحب أو البغض، وقد روي عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه قوله (لا يكن حبك كلفاً ولا بغضك تلفاً) فلما سئل عن معنى قوله، قال: "إذا أحببتَ كَلِفْتَ كلف الصبي، وإذا أبغضتَ أحببتَ لصاحبك التلف". فما أبلغ من أن يكون التعبير عن المشاعر بصورة طبيعية وبدون أي تكلف وكما قال الإمام الشافعي رحمه الله:
إذا لم يكن صفو الوداد طبيعة
فلا خيـر في ود يجي تكلفــــا
كم هو جميل أن يكون لكل منّا شخصيته الصادقة المستقلة سواء في الكلام أو الهندام أو غير ذلك من الخصوصيات والتي يتصرف من خلالها بعفوية ويلتزم بتعامله مع الجميع بكل احترام وصدق لأن الناس في النهاية يقدرون الإنسان لشخصه وسلوكياته أولاً وقبل أي شيء أخر.

دمتم سالمين.

  رد مع اقتباس
الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ عبدالله 12 على المشاركة المفيدة:
شموع الغربية  (28 / 09 / 2013)