إن حكمنا على شخص ما بأنه يتمتع بصحة نفسية جيدة يحتاج إلى معرفة تامة بأعراض الأمراض النفسية ( فبالضد تعرف الأشياء ) .إن مفهوم الصحة النفسية مفهوم نسبي .
فإذا كان شخص ما يعيش في مجتمع لايرى الخوف عيباً ويربي أبنائه على أساليب تنميته في أنفسهم اصبح هذا الخوف الذي يعيشه هذا الشخص في هذا المجتمع ظاهرة عادية ولايمكن اعتباره مرضاً نفسياً ، وقد يرى شخصاً ما بأن تقاسيم وجهه تدعوا إلى الخجل والنقص وهي محور تفكيره دائماً في حين أن شخصاً آخر لايرى في قصر قامته أي داعي للخجل أو الانتقاص من الذات . وقد يتقافز شخص ما من موقف يراه البعض بأنه مصيبة إلى موقف اكثر خطورة دون أن يترك في نفسه أثرا كبيراً يدعوه إلى التوقف والتقوقع حول ذاته .
كل هذه المفاهيم السابقة لايمكن أن نستخدمها كقاعدة واحدة لفهم الصحة النفسية كأن نقول مثلاً إن كل شخص يظهر أعراضا من الخوف هو مريضاً نفسياً أو أن كل شخص نرى في قسمات وجهه تشوهاً أو يتعرض إلى مواقف تدعوا للإحباط سوف يؤول مصيره إلى المرض النفسي .
إن كل حالة يجب أن تؤخذ وتدرس بمفردها مع مراعاة ضرورة أن يكون لكل العوامل التي يعيشها الفرد تأثيراً سواء كانت اجتماعية أو عضوية أو نفسية وسواء كان هذا التأثير سالباً أم موجباً مع اعتبار أن مقدار ما يأخذه كل شخص من أحد تلك العوامل يختلف عن ما يأخذه أي شخص آخر يعيش نفس الضر وف . فشخصية كل إنسان هي مميزة له عن غيره تماماً كالبصمة فإنه من النادر أن تتكرر شخصية إنسان في مجتمع ما بل في أسرة ما .
إذاً فمفهوم الصحة النفسية نسبي ويخضع لعوامل عدة من أهمها معرفتنا للأمراض النفسية والأحوال الاجتماعية التي يعيشها الفرد والجوانب النفسية والعضوية والفروق الفردية وما إلى ذلك . وإذا ما أردنا تحسين واقع الصحة النفسية في مجتمع ما فإن علينا الاهتمام بكل تلك الجوانب .
من خلال هذا المفهوم التكاملي للصحة النفسية اهتمت حكومتنا الرشيدة في توفير الصحة النفسية للجميع من خلال الاهتمام بالجوانب الصحية مجتمعة سواء كانت اجتماعية أو عضوية أو نفسية . وتوفير المؤسسات المعنية لتحقيق أفضل الخدمات