عرض مشاركة واحدة
قديم 26 / 07 / 2009, 36 : 06 AM   #6
wafei 
مدير عام المنتديات

 


+ رقم العضوية » 1
+ تاريخ التسجيل » 16 / 04 / 2001

+ الجنسْ »

+ الإقآمـہ »

+ مَجموع المشَارگات » 37,652
+ معَدل التقييمْ » 10199
شكراً: 264
تم شكره 102 مرة في 99 مشاركة

wafei غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مذكرات : مغتربة في الأفلاج ...


مذكرات مغتربة في الأفلاج ( 6 )
رقصة على طريق الموت

لم يكن في المدرسة التي تم توجيهنا إليها معلمات مغتربات غيرنا، فنحن الرعيل الأول أو الثاني في الاغتراب، حيث شهد عام 1420هـ تزايدا ملحوظا في أعداد المغتربات، لذلك حرصنا على الاستفسار عن الكثير من الأشياء بل عن كل شيء ومنها السيارة التي سوف تنقلنا من المكان المفترض إقامتنا فيه وحتى المدرسة حيث المسافة تستغرق خمسا وأربعين دقيقة في طريق مفرد وعر ومتعرج .
فلن يستطيع والدي ولا والد ليلى مرافقتنا يوميا إلى المدرسة، فصحتهما لم تعد تحتمل مثل هذا، وقد صارحت إحدى المعلمات بفكرتي بعد أن شاهدت بأم عيني صعوبة الطريق ووعورته وهي أن ننقل مقر إقامتنا إلى هذه القرية مادامت هي مقر عملنا ولكنها نصحتني ألا تقيم قريبا من المدرسة فهي قرية منغلقة لايقطنها إلا أهلها ولا يقبلون بوجود أجانب بينهم على الإطلاق، فضلا عن نقص الخدمات الضرورية التي تحتاجونها، فحتى سكان هذه القرية يذهبون إلى وسط الأفلاج للتزود باحتياجاتهم الضرورية، وكانت منيرة، من بنات المنطقة وتسكن في ليلى، على خلق عال وتملك طيبة لامتناهية، قالت لي اتركي هذا الأمر لي، اليوم سآخذكن بسيارتنا إلى مقر سكنكن حتى نعرف الطريق وبعدها ستكونان معنا، فهي سيارة تنقل أكثر من معلمة، وفرا جهد أبويكما فالطريق خطر، لا أريد أن أخيفكم لكن الطريق الذي يربط بين هذه القرية ووسط البلدة يسمى عندنا ب" طريق الموت". سعدنا جدا ليس لكوننا ممن سيسلكن طريق الموت يوميا ذهابا وإيابا بل سعدنا بمبادرتها وشكرناها ووافقنا بالطبع .
في اليوم التالي جاءت لنا منيرة وزميلاتها في الخامسة والنصف صباحا وكانت السيارة السوبر والتي تسمى عندهم ( الصالون ) بانضمامنا إليها تحتوي على 12 معلمة، فكانت المقاعد الأمامية للسابقات إلى التعاقد مع هذه السيارة أو للنخبة بمعنى أصح، وفي الخلف رفعت المقاعد واصطففنا في جلسة عربية محترمة تجعلنا أحيانا نصطحب معنا ترامس القهوة والحلا والشاي والفصفص لنتسلى طوال الطريق ومنا من تأخذ قسطا من النوم ريثما نصل .
كنا نخلع أحذيتنا قبل الدخول لنتخطى الجالسات في المقدمة لأن الأنظمة لاتسمح بفتح الباب الخلفي. كان أمرا متعبا جدا ولكنه كان متعبا أكثر بالنسبة لليلى نظرا لما تحمله من زيادة في الوزن أو لأنها " بطوطة " كما نسميها، إلا أن ضحكاتها المتواصلة والنكت التي تطلقها على نفسها وعلينا تخفف من معاناتنا ومعاناتها كثيرا، فمرة تطلب تعليق حبل في سقف السيارة كي نمسك به أثناء الصعود ومرة تفكر في إنشاء كوبري يمر من فوق الجالسات في المقدمة وأحيانا تكتفي بالتعليق " حشا راكبين غواصة حربية مو سيارة " فكنا جميعا نستعد لفاصل كوميدي ريثما تنقضي فترة ركوبنا .
ورغم وعورة الطريق إلا أن سائقنا لم يكن محترفا فكان يتجاوز السيارات كثيرا بلا مبالاة حتى أوشك بنا على الموت مرات كثيرة . هذا ماجعلنا نراقب معه الطريق خوفا على انفسنا .
وحدث أنه ذات مرة كان ينوي التجاوز فقد كانت أمامنا سيارة تسير ببطء شديد نظرا لحمولتها الزائدة .. وصفية السورية تقول له يالله يا أبو عبدالله الشارع فاضي ويأتي صوت ليلى من الخلف حط رجلك يابو عبد الله مافيه أحد ولكنه كان يتجاهل صفية وليلى من باب أنه مايسمع شور حرمة .
ثم حدد هو الوقت المناسب و انطلق متجاوزا بالسيارة وإذا به يفاجأ بشاحنة كبيرة لم يحسب حسابها فاضطرب المقود في يده وأوشكنا على الهلاك لولا أن الله سلّم . فسألته زوجته التي نطلق عليها
( المحرم ) والتي أثبتت أن المحرم قد يكون امرأة وليس بالضرورة رجلا . وهي التي كانت ترافقه في جميع مشاويره عاتبته بقولها وراك يابو عبد الله؟ قبل شوي قالوا لك اطلع ماطلعت . الله لايعمينا .

  رد مع اقتباس