عرض مشاركة واحدة
قديم 19 / 12 / 2003, 01 : 11 PM   #3
ahmadsaadeldin 
وئامي دائم

 


+ رقم العضوية » 8687
+ تاريخ التسجيل » 12 / 11 / 2003

+ الجنسْ »

+ الإقآمـہ »

+ مَجموع المشَارگات » 65
+ معَدل التقييمْ » 10
شكراً: 0
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة

ahmadsaadeldin غير متواجد حالياً

افتراضي

أما تفسير الشيخ طنطاوي جوهري والمعنون الجواهر في تفسير القرآن الكريم فيعتبر أضخم تفسير ينهج النهج العلمي‏,‏ اذ يقع في خمسة وعشرين جزءا كبارا‏,‏ حاول فيها الشيخ‏(‏ يرحمه الله‏)‏ تفسير القرآن الكريم تفسيرا يتجاوب مع روح العصر‏,‏ وما وصلت اليه المعارف الانسانية في مجال دراسات الكون ومافيه من أجرام سماوية‏,‏ ومن عوالم الجمادات والأحياء‏,‏ ومن الظواهر الكونية التي تصاحبها‏,‏ والسنن الالهية التي تحكمها‏,‏ ليبرهن للقاريء أن كتاب الله الخالد قد أحاط بالكون في تفصيل وبيان وايضاح غفل عنه كثير من السابقين‏,‏ وأنه بحق ينطوي علي كل ما وصل‏,‏ وماسيصل اليه البشر من معارف‏.‏

هذا‏,‏ وقد نعي الشيخ الجوهري‏(‏ يرحمه الله‏)‏ علي علماء المسلمين اهمالهم للجانب العلمي في القرآن الكريم‏,‏ وتركيز جهودهم علي الجوانب البيانية والفقهية فقط بقوله‏:‏لماذا ألف علماء الاسلام عشرات الألوف من الكتب في علم الفقه‏,‏ وعلم الفقه ليس له في القرآن الا آيات قلائل لاتصل إلي مائة وخمسين آية ؟ فلماذا كثر التأليف في علم الفقه‏,‏ وقل جدا في علوم الكائنات التي لاتكاد تخلو منها سورة؟‏.‏
ولذا فاننا نجده في مطلع تفسيره يتوجه بنداء الي المسلمين يقول فيه‏:‏ يا أمة الاسلام‏,‏ آيات معدودات في الفرائض‏(‏ يقصد آيات الميراث‏)‏ اجتذبت فرعا من علم الرياضيات‏,‏ فما بالكم أيها الناس بسبعمائة آية فيها عجائب الدنيا كلها‏...‏ هذا زمان العلوم‏,‏ وهذا زمان ظهور الاسلام‏...‏ هذا زمان رقيه‏,‏ ياليت شعري‏,‏ لماذا لانعمل في آيات العلوم الكونية مافعله أباؤنا في علوم الميراث؟ثم يضيف‏:‏ ان نظام التعليم الاسلامي لابد من ارتقائه‏,‏ فعلوم البلاغة ليست هي نهاية علوم القرآن بل هي علوم لفظه‏,‏ وما نكتبها اليوم‏(‏ يقصد في تفسيره‏),‏ علوم معناه‏....‏
ولم يكتف الشيخ طنطاوي جوهري في تفسيره بتتبع الآيات واستنتاج معانيها وفق ما ارتآه فيها من اشارات الي مختلف الدراسات الحديثة‏,‏ بل انه قد استعان في هذا التفسير ـ الفريد من نوعه ـ بكثير من صور النباتات والحيوانات والمظاهر الكونية‏,‏ والوسائل التجريبية‏,‏ كما استخدم الآراء الفلسفية عند مختلف المدارس الفكرية‏,‏ وكذلك الأرقام العددية التي ينظمها حساب الجمل المعروف‏.‏

وقد اعتبر المفسرون من بني عصره ذلك المنهج العلمي في التفسير‏(‏ كما اعتبر من قبل‏)‏ جنوحا الي الاستطراد في تأويل بعض آيات القرآن الكريم علي غير مقاصدها التشريعية والايمانية‏,‏ استنادا الي الحقيقة المسلمة ان القرآن لم يأت لكي ينشر بين الناس القوانين العلمية ومعادلاتها‏,‏ ولاجداول المواد وخصائصها‏,‏ ولا قوائم بأسماء الكائنات وصفاتها‏,‏ وانما هو في الأصل كتاب هداية‏,‏ كتاب عقيدة وعبادة وأخلاق ومعاملات‏,‏ وهي ركائز الدين التي لا يستطيع الإنسان أن يضع لنفسه فيها ضوابط صحيحة‏,‏ والقرآن العظيم حين يلفت نظر الانسان الي مختلف مظاهر هذا الوجود إنما يعرض لذلك من قبيل الاستدلال علي قدرة الخالق العظيم وعلمه وحكمته وتدبيره ومن قبيل إقامة الحجة البينة علي الجاحدين من الكافرين والمشركين‏,‏ ومن قبيل التأكيد علي إحاطة القدرة الإلهية بالكون وبكل مافيه وعلي حاجة الخلق في كل لحظة من لحظات الوجود الي رحمة ذلك الخالق العظيم‏.‏
فهذا هو الشيخ محمد رشيد رضا‏(‏ يرحمه الله‏)‏ يكتب في مقدمة تفسيره المنار مانصه‏:.....‏ وقد زاد الفخر الرازي صارخا آخر عن القرآن هو مايورده في تفسيره من العلوم الرياضية والطبيعية وغيرها من العلوم الحادثة في الملة علي ماكانت عليه في عهده‏,‏ كالهيئة الفلكية اليونانية وغيرها‏,‏ وقلده بعض المعاصرين‏(‏ويقصد الشيخ طنطاوي جوهري‏)‏ بايراد مثل هذا من علوم العصر وفنونه الكثيرة الواسعة‏,‏ فهو يذكر فيما يسميه تفسير الآية‏,‏ فصولا طويلة ـ بمناسبة كلمة مفردة‏,‏ كالسماء أو الأرض ـ من علوم الفلك والنبات والحيوان‏,‏ تصد القاريء عما أنزل الله لأجله القرآن‏.‏
وعلي الرغم من استنكار علماء التفسير لهذا المنهج العلمي قديما وحديثا‏,‏ الا أن عددا كبيرا من العلماء المسلمين ظل مؤمنا بأن الاشارات الكونية في كتاب الله أي الآيات المتعلقة ببعض أشياء هذا الكون علي اجمالها وتناثرها بين آيات الكتاب المجيد ـ تبقي بيانا من الله‏,‏ خالق الكون ومبدع الوجود‏,‏ ومن ثم فهي حق مطلق‏,‏ وصورة من صور الاعجاز في كتاب الله ـ الذي لايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ـ وان ذلك قد لايتضح إلا للراسخين في العلم من المتخصصين في مختلف مجالات العلوم البحتة والتطبيقية‏(‏ كل في حقل تخصصه‏),‏ وحتي هؤلاء يظل يتسع ادراكهم لذلك الاعجاز باتساع دائرة المعرفة الانسانية جيلا بعد جيل‏,‏ وعصرا بعد عصر‏,‏ مصداقا لقول الحق تبارك وتعالي‏:‏
‏(‏إن هو إلا ذكر للعالمين‏*‏ ولتعلمن نبأه بعد حين‏)[‏ ص‏:87‏ و‏88]‏

ولقول رسول الله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ في وصفه للقرآن الكريم بأنه لاتنقضي عجائبه‏,‏ ولا يخلق من كثرة الرد‏:.‏
ومن هنا كان واجب المتخصصين من المسلمين في مختلف مجالات المعرفة الانسانية ـ في كل عصر وفي كل جيل ـ أن تنفر منهم طائفة للتسلح بمستلزمات تفسير كتاب الله من المام بقدر كاف من علوم اللغة العربية وآدابها‏,‏ ومن الحديث وعلومه‏,‏ والفقه وأصوله‏,‏ وعلم الكلام وقواعده‏,‏ مع معرفة بعادات المجتمع العربي الأول‏,‏ واحاطة بأسباب النزول‏,‏ وبالمأثور في التفسير‏,‏ وبالسيرة النبوية المطهرة‏,‏ وباجتهاد أعلام السابقين من أئمة المفسرين‏,‏ وغير ذلك من الشروط التي حددها علماء التفسير وأصوله‏,‏ ثم تقوم تلك الطائفة علي شرح آيات الكتاب الحكيم ـ كل فيما يخصه ـ حتي تستبين للناس جوانب من الاعجاز في كتاب الله‏,‏ لم يكن من السهل بيانها قبل عصر العلم الذي نعيشه‏.‏ وحتي يتحقق قول الله تعالي في محكم كتابه‏:‏
‏(‏لكل نبأ مستقر وسوف تعلمون‏)[‏ الأنعام‏:‏ آية‏67]‏
وانطلاقا من ذلك الفهم‏,‏ ظهرت مؤلفات عديدة تعالج قضية الاعجاز العلمي في كتاب الله من أشهرها في القديم كتاب كشف الأسرار النورانية القرآنية فيما يتعلق بالأجرام السماوية والأرضية والحيوانات والنباتات والجواهر المعدنية لمحمد بن احمد الاسكندراني الطبيب‏(‏ وهو من علماء القرن الثالث عشر الهجري‏).‏

ورسالة عبد الله فكري‏(‏ وهو من وزراء المعارف السابقين في مصر في مطلع هذا القرن‏)‏ والتي يقارن فيها بين بعض مباحث علم الهيئة‏(‏ الفلك‏)‏ وبين الوارد من نصوص القرآن الكريم في ذلك‏,‏ وكتاب الاسلام والطب الحديث لعبد العزيز اسماعيل‏,‏ ورياض المختار لأحمد مختار‏(‏ الغازي‏),‏ وكتابا معجزة القرآن في وصف الكائنات و التفسير العلمي للآيات الكونية لحنفي أحمد‏,‏ وكتابا في سنن الله الكونية و الاسلام في عصر العلم لمحمد أحمد الغمراوي‏,‏ واعجاز القرآن في علم طبقات الأرض لمحمد محمود ابراهيم‏,‏ و العلوم الطبيعية في القرآن ليوسف مروة‏,‏ وسلسلة كتب كل من محمد جمال الدين الفندي وعبد الرزاق نوفل في نفس الموضوع‏,‏ وكتاب أضواء من القرآن علي الانسان ونشأة الكون والحياة لعبد الغني الخطيب‏,‏ والقرآن والعلم لأحمد محمود سليمان‏,‏ ومن اشارات العلوم في القرآن الكريم لعبدالعزيز سيد الأهل‏,‏ و محاولة لفهم عصري للقرآن لمصطفي محمود‏,‏ وتفسير الآيات الكونية لعبد الله شحاتة‏,‏ والاسلام والعلم التجريبي ليوسف السويدي‏,‏ والقرآن تفسير الكون والحياة لمحمد العفيفي‏,‏ وكتاب الانجيل والقرآن والعلم لموريس بوكاي‏,‏ وكتاب خلق الانسان بين الطب والقرآن لمحمد علي البار‏,‏ هذا بالاضافة الي ماظهر مؤخرا من كتب ومجلات عديدة وأبواب كثيرة عن الاعجاز العلمي في القرآن وردت مجمعة في كتب اسلامية متعددة‏,‏ أو متناثرة في كثير من التفاسير التي حررت في النصف الأخير من هذا القرن‏.‏
هذا من جهة‏,‏ ومن جهة أخري فقد تعرض هذا المنهج ـ بحق أحيانا‏,‏ وبغير ذلك في أحيان أخري كثيرة ـ للمزيد من النقد والتجريح الذي أسس علي أن معجزة القرآن هي في الأصل معجزة بيانه الذي أدرك اساطين اللغة العربية فيه‏,‏ ومنذ سماع أولي آياته‏,‏ أنه علامة فارقة بين كلام الله وكلام البشر‏,‏ وأن علينا أن نفهم الاسلام كما بينه نبي الاسلام‏(‏ صلوات الله وسلامه عليه‏)‏ وكان من شواهد ذلك ومبرراته حيود عدد من الذين تعرضوا للقضايا الكونية في القرآن عن جادة الطريق إما عن قصور في فهم الحقائق العلمية‏,‏ أو انتفاء لشروط القدرة علي الاجتهاد في التفسير‏,‏ أو لكليهما معا‏,‏

وعلي الرغم من ذلك كله‏,‏ فقد تمكن هذا السيل من الكتابات عن الاعجاز العلمي في آي القرآن الكريم من تهيئة النفوس لقبول ذلك المنهج‏,‏ حتي قام المجلس الاعلي للشئون الاسلامية في مصر بتشكيل عدد من اللجان العلمية التي ضمت الي علماء القرآن وتفسيره‏,‏ والحديث ورجاله والفقه وأصوله‏,‏ والشريعة وعلومها‏,‏ واللغة العربية وآدابها‏,‏ والتاريخ الاسلامي وتفاصيله‏,‏ عددا من كبار العلماء والباحثين والمفكرين في مختلف جنبات المعرفة الانسانية‏,‏ وقد قام كل هؤلاء بمدارسة كتاب الله في اجتماعات طالت لسنين كثيرة‏,‏ ثم تبلورت في تفسير موجز تحت اسم المنتخب في تفسير القرآن‏,‏ كتب بأسلوب عصري وجيز‏,‏ سهل مبسط‏,‏ واضح العبارة‏,‏ بعيد عن الخلافات المذهبية‏,‏ والتعقيدات اللفظية والمصطلحات الفنية‏,‏ وقد أشير في هوامشه الي ماترشد اليه الآيات القرآنية من نواميس الحياة وأسرار الكون‏,‏ ووقائعه العلمية التي لم تعرف الا في السنوات الأخيرة‏,‏ والتي خصها ذلك التفسير في مقدمته بأنه لايمكن الا أن يكون القرآن قد أشار اليها لأنه ليس من كلام البشر‏,‏ ولكنه من كلام خلاق القوي والقدر‏,‏ الذي وعد بذلك في محكم هذا الكتاب فقال
‏(‏سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتي يتبين لهم أنه الحق او لم يكف بربك أنه علي كل شيء شهيد‏)[‏ فصلت‏:‏ آية‏53]‏
كما تمت الاشارة في مقدمة هذا التفسير الوجيز إلي أنه سيتلوه تفسير اخر وسيط في شيء من البسط والتفصيل يليه المفصل إن شاء الله تعالي‏.‏

  رد مع اقتباس