عرض مشاركة واحدة
قديم 19 / 12 / 2003, 20 : 11 PM   #8
ahmadsaadeldin 
وئامي دائم

 


+ رقم العضوية » 8687
+ تاريخ التسجيل » 12 / 11 / 2003

+ الجنسْ »

+ الإقآمـہ »

+ مَجموع المشَارگات » 65
+ معَدل التقييمْ » 10
شكراً: 0
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة

ahmadsaadeldin غير متواجد حالياً

افتراضي

الإشارات الكونية في القرآن الكريم
ومغزي دلالتها العلمية
بقلم : د. زغـلول النجـار





ان فهم الاشارات الكونية في كتاب الله‏,‏ علي ضوء ما تجمع للبشرية اليوم من معارف‏,‏ وتقديمها للعالم كواحد من الأدلة العديدة علي أن القرآن الكريم هو كلام الله الذي أنزله بعلمه والذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه‏,‏ والذي حفظ بحفظ الله‏,‏ بنفس اللغة التي أوحي بها‏,‏ بدقائق حروفه وكلماته وآياته وسوره‏,‏ يعتبر فتحا جديدا للاسلام‏,‏ وانقاذا للبشرية من الهاوية التي تتردي فيها اليوم بسبب تقدمها العلمي والتقني المذهل وتضاؤل روح الايمان بالله‏,‏ وانعدام الخشية من عذابه في نفوس القطاع الأكبر من الناس خاصة في أكثر المجتمعات البشرية المعاصرة أخذا بأسباب التقدم العلمي والتقني‏,‏ فأغلب المجتمعات البشرية في الدول غير المسلمة تعاني اليوم من انفراط عقد الأسرة‏,‏ والتقنين للممارسات الجنسية بدون أدني رباط‏,‏ فكثر حمل المراهقات‏,‏ وأبناء الزنا‏,‏ والأسر ذات العائل الواحد‏,‏ وتفشت الأمراض والأوباء والعلل مما لم يكن معروفا من قبل‏,‏ وقننت الحكومات والتشريعات للعلاقات الشاذة‏,‏ وصرحت بتبني الأطفال وتنشئتهم في وسط الشواذ‏,‏ وهي عملية مدمرة للفطرة الانسانية فكثرت الأزمات النفسية وأمراضها‏,‏ وتضاعفت معدلات كل من الادمان والجريمة والانتحار‏,‏ وملئت أكثر المجتمعات البشرية ثراء وتطورا ماديا بأخطر مشاكل المجتمعات الانسانية علي الاطلاق‏...!!!‏

ومن هؤلاء الذين لايعرفون لهم أبا‏,‏ والذين خرجوا إلي الحياة بطرق غير مشروعة‏,‏ ونشئوا في بيئات فاسدة وبين سلوكيات منحطة وضيعة من يمكن أن يصل الي مقام السلطة في دول تملك من تقنيات ووسائل الغلبة المادية‏,‏ من مختلف أسلحة الدمار الشامل ما يعينه علي البطش بالخلق‏,‏ وإفشاء الظلم‏,‏ وتدمير الحياة علي سطح الأرض‏,‏ وإفساد بيئاتها والقضاء علي مختلف صور الحياة فيها‏...!!!‏ ولا يجد من دين أو خلق أو منطق أي رادع يمكن أن يرده عن ذلك‏...!!!‏
وأغلب وسائل الاعلام في العالم قد وقعت اليوم في أيدي اليهود‏,‏ في مؤامرة خسيسة علي الانسانية ـ واليهود هم أشد الناس عداوة للذين آمنوا بصفة خاصة وللانسان غير اليهودي بصفة عامة ـ فوظفوا كافة تلك الوسائل الاعلامية في تدمير البقية الباقية من عقائد وأخلاقيات وسلوكيات المجتمعات الانسانية‏,‏ وفي تشويه صورة الاسلام في أذهان الناس‏,‏ وذلك لان مما يسوءهم أن يروا الاسلام ينتشر في مجتمعاتهم المريضة في الوقت الذي يتصورون فيه أنهم قد أحاطوا بالاسلام والمسلمين إحاطة كاملة‏.‏ ويقبل علي الاسلام في الغرب والشرق قمم الفكر والعلم والرأي لأنهم يرون فيه المخرج الوحيد من الوحل النتن الذي غاصت فيه مجتمعاتهم والذي يعيشون فيه الي أذقانهم في غالبيتهم الساحقة‏,‏ ووسيلتنا في تحسين صورة الاسلام في العالم هي حسن الدعوة اليه بالكلمة الطيبة‏,‏ والحجة الواضحة‏,‏ والمنطق السوي‏.‏ وخير ما نقدمه في ذلك المضمار مما يتناسب مع طبيعة العصر ولغته هو الاعجاز العلمي للقرآن الكريم‏,‏ لأننا نعيش في زمن أدار غالبية الناس ظهورهم فيه للدين‏,‏ ولم تعد قضايا الغيب المطلق من بعث بعد الموت‏,‏ وعرض أكبر أمام الله الخالق‏,‏ وخلود في حياة قادمة‏:‏ أما في الجنة أبدا‏,‏ أو في النار أبدا

وغيرها من قضايا الدين لم تعد تحرك فيهم ساكنا‏,‏ ولكنهم في نفس الوقت قد فتنوا بالعلم ومعطياته فتنة كبيرة‏,‏ فإذا أشرنا الي سبق للقرآن الكريم في الاشارة إلي عدد من حقائق الكون قبل أن يصل الانسان الي شيء منها بعشرات المئات من السنين‏,‏ وهو الكتاب الذي أنزل علي نبي أمي‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ في أمة كانت غالبيتها الساحقة من الأميين‏,‏ فإن ذلك سوف يحرك عقولهم وقلوبهم‏,‏ وسوف يحضهم علي الاطلاع في كتاب الله الذي ما أطلع عليه عاقل الا ويشهد له أنه لا يمكن أن يكون كلام أحد غير الله الخالق‏(‏ سبحانه وتعالي‏),‏ وفي ذلك تحييد لحجم الكراهية الشديدة التي غرستها وسائل الاعلام الدولية للاسلام والمسلمين في قلوب الملايين‏,‏ ودعوة مستنيرة الي دين الله وما أحوجنا للدعوة لهذا الدين الخاتم في زمن التحدي بالعولمة الذي نعيشه‏,‏ والذي يتهدد كافة شعوب الأرض بالذوبان في بوتقة الحضارة المادية الجارفة‏...!!!‏
ولا يمكن أن يصدنا عن ذلك دعوي أن عددا من المفسرين السابقين الذين تعرضوا لتأويل بعض الآيات الكونية في كتاب قد تكلفوا في تحميل تلك الآيات من المعاني مالا تحتمله وذلك بسبب نقص في وفرة المعلومات العلمية أو جهل بها‏,‏ وذلك لما سبق وأن أوضحناه بأن التفسير لأي القرآن الكريم هو محاولة بشرية لحسن فهم دلالة تلك الآيات إن أصاب فيها المرء فله أجران‏,‏ وإن أخطأ فله أجر واحد‏,‏ والمعول في ذلك النية‏,‏ وأن الخطأ في التفسير لا ينال من جلال القرآن الكريم‏,‏ ولكنه ينعكس علي المفسر‏,‏ خاصة وأن الذين فسروا باللغة أصابوا وأخطأوا والذين فسروا بالتاريخ أصابوا وأخطأوا ـ ولم ينل ذلك من قدسية القرآن الكريم ومكانته في قلوب وعقول المؤمنين شيئا أما اليوم وقد توافر للانسان من المعرفة بحقائق الكون وسننه ما لم يتوافر لجيل من البشر من قبل‏,‏ فإن توظيف ذلك الكم من المعلومات من أجل حسن فهم دلالة الآية القرآنية‏,‏ وإثبات سبقها التاريخي لكافة البشر يعتبر ضرورة إسلامية لتثبيت إيمان المؤمنين‏,‏ ولدعوة الضالين من الكفار والمشركين والذي سوف يسألنا ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏)‏ عن تبليغهم بهذا الدين‏,‏ ودعوتهم اليه بالحكمة والموعظة الحسنة‏.‏

والأخطاء التي وقع فيها عدد من المفسرين الذين تعرضوا للآيات الكونية في كتاب الله‏,‏ أو تكلفهم في تحميل الآيات من المعاني ما لا تحمله‏,‏ في تعسف واضح‏,‏ وتكلف جلي‏,‏ يحملونه هم‏,‏ ولا تتحمله آيات الكتاب المبين‏,‏ لأن التأويل يبقي جهدا بشريا منسوبا لمؤوله‏,‏ بكل ما للبشر من نقص وبعد عن الكمال‏,‏ وإذا كان عدد منهم قد جاوز الصواب في تأويله‏,‏ فإن أعدادا أوفر قد وفقت في ذلك أيما توفيق‏.‏
ولم تكن أخطاء المفسرين محصورة في محاولات تأويل الاشارات الكونية فقط‏,‏ فهنالك عدد من كتب التفسير التي تمتليء بالاسرائيليات الموضوعة‏,‏ والعصبيات المذهبية الضيقة‏,‏ وغير ذلك مما لا يقبله العقل القويم‏,‏ والصحيح المنقول عن رسول الله صلي الله عليه وسلم وعن أصحابه المكرمين والتابعين‏,‏ ولا يرتضيه المنطق اللغوي السليم‏.‏ فالمعتزلة علي سبيل المثال ـ لا الحصر قد حاولوا في تفاسيرهم اخضاع الآيات لمبادئهم في العدل والتوحيد وحرية الارادة والوعد والوعيد وإنكار الرؤية وغيرها‏,‏ وتعسفوا في ذلك أيما تعسف‏.‏



والشيعة ـ علي اختلاف فرقهم ـ قد دفعتهم المغالاة في حب آل البيت الي التطرف في تأويل الآيات القرآنية تأويلا لا يحتمله ظاهر الآيات‏.‏ ولا السياق القرآني‏.‏ ولا القرائن المنطقية المختلفة‏.‏
وكذلك المتصوفة والاشاريون ـ فهم علي الرغم من تسليمهم بالمأثور من التفسير‏,‏ وقبولهم للمعني الذي يدل عليه اللفظ العربي ـ يسمحون لأنفسهم باستنباط معان للآيات تخطر في أذهانهم عند التلاوة وان لم تدل عليها الآيات القرآنية الكريمة بطريق من طرق الدلالات المعروفة في الاستعمال العربي للغة وطرائق التعبير فيها‏.‏

أما المنحرفون من أتباع الفرق الباطنية وافرازاتها القديمة والحديثة‏(‏ كالقرامطة والبابية‏,‏ والبهائية‏,‏ والعلوية النصيرية‏,‏ والقاديانية الأحمدية‏,‏ والاسماعيلية‏,‏ والدرزية وغيرها‏)‏ فتمتليء تفاسيرهم بالانحرافات التي تنطق بالتعسف والافتعال‏,‏ ومحاولات تطويع القرآن لمبادئهم المضللة في تكلف ملحوظ‏.‏
فهل معني ذلك أن يتوقف علم التفسير عند حدود جهود السابقين من المفسرين؟ويتوقف فهم الناس لكتاب الله الذي أنزل إليهم ليتدبروا آياته‏,‏ ويعيشوا في معانيه‏,‏ ويتخذوا منها دستورا كاملا لحياتهم عند جهود قدامي المفسرين علي فضلهم‏,‏ وفضل ما قدموه لخدمة فهم القرآن الكريم في حدود المعرفة المتاحة في أزمنتهم؟ بالقطع لا‏,‏ علي الرغم من التسليم بأن هذه الانحرافات وأمثالها كانت من وراء الدعوة إلي الوقوف بالتفسير عند حدود المأثور‏,‏ فكتب التفسير علي تباينها تحوي تراثا فكريا وتاريخيا لهذه الأمة لايمكن التضحية به‏,‏ حتي ولو كانت به بعض الأخطاء أو التجاوزات‏,‏ الا اذا كان القصد الواضح هو التحريف‏,‏ وهو أمر لايصعب علي عاقل إدراكه‏.‏

  رد مع اقتباس