عرض مشاركة واحدة
قديم 19 / 12 / 2003, 23 : 11 PM   #9
ahmadsaadeldin 
وئامي دائم

 


+ رقم العضوية » 8687
+ تاريخ التسجيل » 12 / 11 / 2003

+ الجنسْ »

+ الإقآمـہ »

+ مَجموع المشَارگات » 65
+ معَدل التقييمْ » 10
شكراً: 0
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة

ahmadsaadeldin غير متواجد حالياً

افتراضي

من كل ما سبق يتضح لنا أن حجج المضيقين في رفض تفسير الاشارات الكونية في كتاب الله علي ضوء ما تجمع اليوم لدي الانسان من معارف بالكون وعلومه هي كلها حجج مردودة‏,‏ فالكون صنعة الله‏,‏ والقرآن هو كلام خالق الكون وواضع نواميسه‏,‏ ولا يمكن أن يتعارض كلام الله الخالق مع الحقائق التي قد أودعها في خلقه‏,‏ اذا اتبع الناظر في كليهما المنهج السليم‏,‏ والمسلك الموضوعي الأمين‏,‏ فمن صفات الآيات الكونية في كتاب الله أنها صيغت صياغة معجزة يفهم منها أهل كل عصر معني من المعاني في كل أية من تلك الآيات الدالة علي شيء من أشياء الكون أو ظواهره أو نشأته أو إفنائه وإعادة خلقه‏,‏ وتظل تلك المعاني تتسع باتساع دائرة المعرفة الإنسانية في تكامل لايعرف التضاد‏,‏ وهذا عندي من أعظم جوانب الإعجاز في كتاب الله‏,‏ ومن هنا كانت ضرورة استمرارية النظر في تفسير تلك الآيات الكونية‏,‏ وضرورة مراجعة تراجمها إلي اللغات الأخري بطريقة دورية‏.‏
أما آيات العقيدة والعبادة والأخلاق والمعاملات فقد صيغت صياغة محكمة يفهم دلالتها كل مستمع إليها مهما قلت ثقافته أو زادت‏,‏ لأن تلك الآيات تمثل ركائز الدين الذي هو صلب رسالة القرآن الكريم‏.‏

وكذلك الآيات المتعلقة بصفات الله‏,‏ وبالآخرة وبالملائكة والجن وغير ذلك من الأمور الغيبية غيبة مطلقة فلا يملك المسلم إلا الايمان بها‏,‏ والتسليم في فهمها لنص القرآن الكريم أو للمأثور من تفسير المصطفي‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ لأن الإنسان لايمكن له أن يصل إلي عالم الغيب المطلق إلا ببيان من الله الخالق‏,‏ وذلك لأن قدرات عقل الإنسان المحدودة‏,‏ وحواسه المحدودة لايمكن لهما اجتياز حدود عوالم الغيوب المطلقة مهما أوتي الإنسان من أسباب الذكاء والفطنة‏,‏ ومن هنا كان امتداح القرآن الكريم للذين يؤمنون بالغيب‏...!!!‏
موقف الموسعين‏:‏ في التفسير العلمي
ويري أصحاب هذا الموقف ان الاشارات الكونية في القرآن الكريم قد قصدت لذاتها أي لدلالاتها العلمية المحددة‏,‏ مع التسليم بوجوب استخلاص الحكمة والعبرة منها‏,‏ والوصول الي الهداية عن طريقها‏,‏ وانطلاقا من ذلك فقد قام اصحاب هذا الموقف بتبويب آيات الكونيات في كتاب الله‏,‏ وتصنيفها حسب مختلف التصانيف المعروفة في مختلف مجالات العلوم البحتة والتطبيقية‏,‏ ثم اندفعوا في حماسهم لهذا الاتجاه الي المناداة بأن القرآن الكريم يشتمل علي جميع العلوم والمعارف‏.‏

ولابد لحسن فهم تلك الاشارات الكونية في كتاب الله ـ من تفسيرها علي ضوء اصطلاحات تلك العلوم والمعارف‏,‏ ثم زاد البعض بمحاولة اثبات ان جميع حقائق العلوم البحتة والتطبيقية التي استخلصها الانسان بالنظر في جنبات هذا الكون هي موجودة في القرآن الكريم استنادا الي قوله تعالي‏:‏
‏(..‏ ما فرطنا في الكتاب من شيء‏...)‏
‏(‏الأنعام‏:‏ آية‏38)‏

وقوله‏...‏
‏(‏ ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء‏..)‏
‏(‏النحل‏:‏ آية‏89)‏

وهذا في رأينا موقف مبالغ فيه لان السياق القرآني في الايتين السابقتين لايتمشي مع ما وصلوا اليه من استنتاج‏,‏ لأنهما يركزان علي رسالة القرآن الأساسية وهي الدين بركائزه الأربع الأساسية‏:‏ العقيدة‏,‏ والعبادة‏,‏ والأخلاق والمعاملات‏,‏ وهي القضايا التي لا يمكن للإنسان أن يضع فيها لنفسه ضوابط صحيحة‏.‏ وهي التي استوفاها القرآن استيفاء لايقبل إضافة‏,‏ أما قصص الأمم السابقة والاشارات إلي الكون ومكوناته فقد جاء القرآن الكريم بنماذج منها تشهد لله الخالق بطلاقة القدرة علي الخلق وإفنائه وإعادته من جديد‏.‏ وربما كان هذا الموقف وأمثاله من الاسباب الرئيسية التي أدت الي تحفظ المتحفظين من الخوض في تفسير الايات الكونية الواردة في كتاب الله علي اساس من معطيات العلوم البحتة والتطبيقية‏,‏ أو التعرض لإظهار جوانب الإعجاز العلمي فيها‏.‏
موقف المعتدلين في التفسير العلمي

ويري أصحاب هذا الموقف أنه مع التسليم بأن القرآن الكريم هو في الاصل كتاب هداية ربانية‏,‏ أساسها الدعوة إلي العقيدة الصحيحة والأمر بالعبادات المفروضة والحث علي الالتزام بمكارم الأخلاق وعلي التعامل بالعدل‏,‏ أي أنه دستور كامل للحياة في طاعة خالق الكون والحياة‏.‏
ومع التسليم كذلك بأن الاشارات الكونية الواردة في كتاب الله قد جاءت في معرض التذكير بقدرته المطلقة‏,‏ وبديع صنعه في خلقه‏,‏ وشمول علمه‏,‏ وكمال صفاته وأفعاله‏,‏ الا انها تبقي بيانا من الله‏,‏ خالق الكون ومبدع الوجود‏,‏ ومن اعلم بالكون من خالقه‏...‏؟

من هنا كانت تلك الاشارات الكونية كلها حق‏,‏ وكانت كلها منسجمة مع قوانين الله وسننه في الكون‏,‏ وثابتة في دلالاتها ـ مهما اتسعت دائرة المعرفة الانسانية ـ فلا تعارض ولا تناقض ولا اضطراب وصدق الله العظيم القائل‏:‏
‏(‏ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا‏)(‏ النساء‏:82).‏

ومن هنا أيضا كان واجب علماء المسلمين في مدارسة تلك الآيات الكونية مستفيدين بكل أنواع المعارف المتاحة في تفسيرها وإظهار جوانب الإعجاز بها‏,‏ في حجة واضحة ومنطق سوي وذلك تأكيدا لإيمان المؤمنين‏,‏ ودحضا لافتراءات المفترين‏,‏ وتثبيتا للحقيقة الراسخة أن القرآن كلام الله العزيز الرحمن الرحيم‏.‏
ومن هنا كذلك كان التسليم بأن تلك الإشارات الكونية لم ترد في القرآن الكريم بهدف التبليغ بالحقيقة العلمية‏,‏ لأن الحكمة الإلهية قد تركت مجالا مفتوحا لاجتهاد المجتهدين‏,‏ يتنافس فيه المتنافسون‏,‏ ويتباري المتبارون‏,‏ أمة بعد أمة‏,‏ وجيلا بعد جيل‏,‏ إلي أن يرث الله تعالي الأرض ومن عليها‏,‏ فلولا أن الإرادة الالهية قد ارتضت بسط الكون بكل حقائقه كاملة أمام الإنسان‏,‏ لانتفت الغاية من الحياة الدنيا‏,‏ وهي دار ابتلاء واختبار‏,‏ ولاختفي ذلك الغيب الذي يشد الانسان اليه‏,‏ ويشحذ جميع حواسه وكل قواه العقلية والفكرية‏,‏ ولتبلدت تلك الحواس والقدرات ولمضت حياة الانسان علي الأرض رتيبة كئيبة بائسة‏,‏ جيلا بعد جيل‏,‏ وعصرا بعد عصر‏,‏ بغير تجديد أو تنويع أو إبداع‏,‏ وسط عالم يتميز بالتغير في كل أمر من أموره‏,‏ وفي كل لحظة من لحظات وجوده‏,‏ هذا فضلا عن أن العقل البشري عاجز عن تقبل الحقائق الكونية الكلية دفعة واحدة‏,‏ وأنه يحتاج في فهمها إلي شئ من التدرج في الكشف‏,‏ وفي استخراج الأدلة‏,‏ وفي إثباتها وتكامل معطياتها علي مدي أجيال متعاقبة‏.‏

ويستدل أصحاب هذا الموقف بالحشد الهائل من الإشارات الكونية في كتاب الله‏,‏ وبمطالبة القرآن الكريم للانسان دوما بتحصيل المعرفة النافعة علي إطلاقها‏,‏ وهذه أولي آيات القرآن العظيم تأمر بذلك وتحدد وسائله‏,‏ وتحض علي التأمل في الخلق‏,‏ بل وتشير إلي حقيقة علمية لم تكتشف إلا بعد ذلك بقرون طويلة ألا وهي‏...‏ خلق الانسان من علق‏...‏ وهي حقيقة لم يتوصل إليها الإنسان إلا بعد اكتشاف حقيقة المجاهر المكبرة‏,‏ وفي ذلك يقول الحق تبارك وتعالي‏:‏
‏(‏اقرأ باسم ربك الذي خلق‏.‏ خلق الانسان من علق‏.‏ اقرأ وربك الأكرم‏.‏ الذي علم بالقلم‏.‏ علم الانسان ما لم يعلم‏).(‏ العلق‏:1‏ ـ‏5)‏

ويستدل أصحاب هذا الموقف المعتدل علي ذلك بما يقرره القرآن من مسئولية الانسان عن حواسه وعقله‏,‏ وما يفرضه من حسن استخداماتها في التعرف علي الكون‏,‏ واكتساب المعارف النافعة منه‏,‏ وتخديمها في حسن فهم كتاب الله‏,‏ حيث يقرر الحق‏(‏ تبارك وتعالي‏)‏ ذلك بقوله في محكم كتابه‏:‏
‏(‏إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا‏..)(‏ الإسراء‏:36).‏

كما يستدلون برفض القرآن للتقليد والجمود علي الآراء الموروثة الخاطئة‏,‏ والحكم بالظن والهوي‏,‏ ومطالبته الانسان دوما بتأسيس الاحكام علي الدليل العقلي الذي لا يقبل النقض‏,‏ وهذه كلها من أخص خصائص المنهج التجريبي في دراسة الكون وما فيه‏,‏ كذلك يستشهدون بتكريم القرآن الكريم للعلم والعلماء ـ بمن فيهم من علماء الكونيات ـ في العديد من آي الذكر الحكيم نختار منها قول الحق‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏
‏(‏هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون‏)‏
‏(‏ الزمر‏:9)‏

وقوله‏(‏ عز من قائل‏):‏
‏(‏يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات‏)(‏ المجادلة‏:11)‏

وقوله‏(‏ سبحانه وتعالي‏):‏
‏(‏شهد الله انه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم‏)(‏ آل عمران‏:18)‏

وقوله‏:‏
‏(‏انما يخشي الله من عباده العلماء‏)(‏ فاطر‏:28).‏

والآية الأخيرة قد وردت بعد استعراض لكثير من المشاهد الكونية‏,‏ مما يؤكد أن الآية تشمل علماء الكونيات‏,‏ ان لم يكونوا هم المقصودين بها مباشرة‏,‏ فالآية تنطق‏:‏
‏(‏ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلفا ألوانها ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها‏,‏ وغرابيب سود‏,‏ ومن الناس والدواب والانعام مختلف ألوانه كذلك انما يخشي الله من عباده العلماء إن الله عزيز غفور‏)(‏ فاطر‏:28,27).‏

كذلك يستشهد أصحاب هذا الموقف المعتدل بمطالبة القرآن الكريم للانسان في ـ تشديد واضح ـ بالنظر في كل ما خلق الله‏,‏ وهذه أوامره صريحة جلية نختار منها قول الحق‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏
‏(‏قل انظروا ماذا في السموات والأرض‏)(‏ يونس‏:101)‏

‏(‏ أو لم ينظروا في ملكوت السموات والأرض وما خلق الله من شئ‏)(‏ الأعراف‏:185)‏

‏(‏ قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق‏)(‏ العنكبوت‏:20)‏

‏(‏ وفي الأرض آيات للموقنين وفي أنفسكم أفلا تبصرون‏)(‏ الذاريات‏:21,20)‏

‏(‏ أفلا ينظرون إلي الابل كيف خلقت‏,‏ وإلي السماء‏,‏ كيف رفعت‏,‏ وإلي الجبال كيف نصبت‏,‏ وإلي الأرض كيف سطحت‏)(‏ الغاشية‏17‏ ـ‏20).‏

وينتصر أصحاب هذا الموقف المعتدل لموقفهم بما ينعاه القرآن علي الغافلين في التفكير في آيات السماوات والأرض في كثير من آياته التي منها قول الحق‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏
‏(‏وكأي من آية في السموات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون‏)(‏ يوسف‏:105)‏

ووصفه لهؤلاء الغافلين بأنهم كالأنعام بل هم أضل‏,‏ وتقديره بأن جزاءهم جهنم عقابا لهم علي اهمالهم نعم الله التي أنعم بها عليهم‏,‏ وذلك في مثل قول الله‏(‏ تعالي‏):‏

‏(‏ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس‏,‏ لهم قلوب لا يفقهون بها‏,‏ ولهم أعين لا يبصرون بها‏,‏ ولهم اذان لا يسمعون بها‏,‏ أولئك كالانعام بل هم أضل‏,‏ أولئك هم الغافلون‏)(‏ الأعراف‏:129).‏
ويستشهدون علي ضرورة توظيف المعارف العلمية المتاحة لفهم دلالة الآيات الكونية في كتاب الله بربط القرآن دوما بين الايمان بالله والنظر فيما خلق الله‏,‏ من مثل قوله‏(‏ تعالي‏):‏

‏(‏ان في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة‏,‏ وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون‏)(‏ البقرة‏:164)‏

وقوله‏(‏ عز من قائل‏):‏
‏(‏إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب‏,‏ الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلي جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار‏)‏
‏(‏آل عمران‏:191,190).‏

وقوله‏(‏ سبحانه وتعالي‏):‏
‏(‏وكذلك نري ابراهيم ملكوت السموات والأرض وليكون من الموقنين‏)(‏ الأنعام‏:75).‏

وقوله‏:‏
‏(‏لخلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون‏)(‏ غافر‏:57)‏

  رد مع اقتباس