عرض مشاركة واحدة
قديم 19 / 12 / 2003, 25 : 11 PM   #10
ahmadsaadeldin 
وئامي دائم

 


+ رقم العضوية » 8687
+ تاريخ التسجيل » 12 / 11 / 2003

+ الجنسْ »

+ الإقآمـہ »

+ مَجموع المشَارگات » 65
+ معَدل التقييمْ » 10
شكراً: 0
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة

ahmadsaadeldin غير متواجد حالياً

افتراضي

ويستشهد المنادون بضرورة توظيف المعارف العلمية في تفسير الآيات الكونية في كتاب الله بالإشارة إلي أن القرآن الكريم ـ في استعراضه لامور الكون ـ يتناول كليات الأشياء‏,‏ تاركا التفاصيل لاجتهاد الانسان‏,‏ ولكنه في نفس الوقت ينبه باستمرار الي جوانب مهمة في أشياء مثل الكم والكيف وهما من أسس العلوم التجريبية‏,‏ الكم الذي يتعلق بالحجم والكتلة وبالزمان والمكان‏,‏ وبدرجات النمو والاندثار وغيرها يتمثل في كثير من الآيات القرآنية التي نختار منها قول الحق‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏
‏(‏وكل شئ عنده بمقدار‏)(‏ الرعد‏:5)‏

وقوله‏(‏ سبحانه‏):‏
‏(‏قد جعل الله لكل شئ قدرا‏)(‏ الطلاق‏:3)‏

وقوله‏(‏ عز من قائل‏):‏
‏(‏إنا كل شئ خلقناه بقدر‏)(‏ القمر‏:49)‏

وقوله‏(‏ تعالي‏):‏
‏(‏وخلق كل شئ فقدره تقديرا‏)(‏ الفرقان‏:2)‏

وقوله‏(‏ سبحانه وتعالي‏):‏
‏(‏وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض‏..)(‏ المؤمنون‏:18).‏

وبخصوص الكيف بمعني هيئة الاشياء وتركيبها ومسبباتها‏,‏ ومجري الظواهر الكونية وحدوثها والسنن الالهية وجريانها‏,‏ فان القرآن يشدد التنبيه عليها في مواضع كثيرة منها قول الله‏(‏ تعالي‏):‏
‏(‏فانظر إلي آثار رحمة الله كيف يحيي الأرض بعد موتها‏)(‏ الروم‏:50)‏

وقوله‏(‏ سبحانه‏):‏
‏(‏ ألم تر الي ربك كيف مد الظل‏,‏ ولو شاء لجعله ساكنا‏,‏ ثم جعلنا الشمس عليه دليلا ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا‏)(‏ الفرقان‏:46,45).‏

وقوله عز من قائل‏:‏
‏(‏أفلم ينظروا إلي السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها ومالها من فروج‏..)(‏ ق‏:6)‏

وقوله‏(‏ تعالي‏):‏
‏(‏ أفلا ينظرون إلي الإبل كيف خلقت وإلي السماء كيف رفعت وإلي الجبال كيف نصبت وإلي الأرض كيف سطحت‏)(‏ الغاشية‏:17‏ ـ‏20)‏
ويستشهد أصحاب هذا الموقف المعتدل كذلك علي ضرورة توظيف المعارف العلمية في تفسير الآيات الكونية بتأكيد القرآن الكريم علي أن لكل شيء في هذا الكون فطرته السوية التي فطره الله عليها‏,‏ والتي تخصه وتميزه‏,‏ وهي قاعدة أساسية من قواعد المنهج العلمي التجريبي في الكشف عن حقائق هذا الكون ومكوناته وسنن الله فيه‏,‏ ونقرأ في ذلك قول الحق‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏

ربنا الذي أعطي كل شيء خلقه ثم هدي‏..(‏ طه‏:50)‏
وقوله‏(‏ سبحانه‏)‏
‏(‏ الذي خلق فسوي والذي قدر فهدي‏)(‏ الأعلي‏:3,2)‏

وأن هذه الفطرة ثابتة‏,‏ لا تتغير ولا تتبدل لقول الحق‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏
‏(...‏ لا تبديل لخلق الله‏)(‏ الروم‏:‏ آية‏30)‏

وأنها خاضعة لقوانين مطردة‏,‏ لا تتخلف ولا تتوقف إلا بإذن الله‏,‏ وأنه لولا ثبات تلك الفطرة وأطراد القوانين التي تحكمها ماتمكن الإنسان من اكتشاف أي من أمور هذا الكون‏,‏ وأن القرآن يصر علي تسمية تلك القوانين بالحق‏,‏ وعلي أن الكون ومافيه خلق بالحق‏,‏ ويطالب الإنسان بالتعرف علي ذلك الحق والتزامه‏,‏ فالتنزيل ينطق بقول الله‏(‏ تعالي‏):‏
‏(‏ ماخلقنا السموات والأرض ومابينهما إلا بالحق وأجل مسمي‏)(‏ الاحقاف‏:‏ آية‏3)‏

وقوله‏(‏ سبحانه‏):‏
‏(‏ أو لم يتفكروا في أنفسهم ماخلق الله السموات والأرض ومابينهما إلا بالحق وأجل مسمي وان كثيرا من الناس بلقاء ربهم لكافرون‏).(‏ الروم‏:8)‏

وقوله‏(‏ عز من قائل‏):‏
‏(‏ خلق السموات والأرض بالحق‏,‏ يكور الليل علي النهار‏,‏ ويكور النهار علي الليل‏,‏ وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمي ألا هو العزيز الغفار‏)(‏ الزمر‏:‏ آية‏5)‏

وقوله‏(‏ تعالي‏):‏
‏(‏ هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب‏,‏ ماخلق الله ذلك إلا بالحق يفصل الآيات لقوم يعلمون‏)(‏ يونس‏:‏ آية‏5)‏

وقوله‏(‏ سبحانه‏):‏
‏(‏ وماخلقنا السموات والأرض ومابينهما لاعبين ماخلقناهما إلا بالحق ولكن أكثرهم لا يعلمون‏)‏
‏(‏الدخان‏:‏ الآيتان‏39,38)‏

كذلك فإن الذين يرون ضرورة توظيف المعارف العلمية في تفسير الآيات الكونية الواردة في كتاب الله‏,‏ وفي الاستشهاد علي الإعجاز العلمي لتلك الآيات ينتصرون لذلك بأن أكثر من أربعين سورة من سور القرأن الكريم البالغ عددها‏114‏ سورة تحمل أسماء لبعض أشياء الكون وظواهره‏,‏ ويستشهدون بعرض القرأن للعديد من القضايا التي هي صميم العلوم التجريبية من مثل خلق السماوات والأرض‏,‏ واختلاف الليل والنهار‏,‏ وإتساع الكون‏,‏ ورتق السماوات والأرض وفتقهما‏,‏ وبدء السماء بدخان‏,‏ وخلق الحياة من الماء وفي الماء واستعراض مراحل الجنين في الإنسان وغير ذلك كثير مما لا يوفيه في هذا المقام حصر ولكن تكفي الإشارة إلي آيات قليلة منها من مثل قول الحق تبارك وتعالي‏:‏
‏(‏ أو لم ير الذين كفروا أن السموات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون‏)(‏ الأنبياء‏:30)‏

وقوله‏(‏ عز من قائل‏):‏
‏(‏ ثم استوي إلي السماء وهي دخان‏,‏ فقال لها وللأرض أئتيا طوعا أو كرها‏,‏ قالتا أتينا طائعين‏)(‏ فصلت‏:11)‏
وآيات الكتاب الحكيم في كل ماعرضت له من أمور الكون تتميز بمنتهي الدقة في التعبير‏,‏ والشمول في المعني والدلالة‏,‏ وبالسبق الاخباري بحقائق لم يتيسر للإنسان المام بها إلا في العقود المتأخرة من القرن العشرين‏.‏ وهذا بالقطع يشكل صورة من صور الأعجاز لم تتوافر لجيل من الأجيال من قبل‏.‏ وسأفصل الحديث في الإعجاز العلمي للإشارات الكونية في كتاب الله في المقالات القادمة إن شاء الله‏(‏ تعالي‏).‏

وخلاصة القول أن القرآن الكريم يزخر بالعديد من الآيات التي تشير إلي الكون ومابه من كائنات‏(‏ أحياء وجمادات‏)‏ وإلي صور من نشأتها ومراحل تكوينها‏,‏ وإلي العديد من الظواهر الكونية التي تصاحبها‏,‏ وقد أحصي الدارسون من مثل هذه الآيات حوالي الألف آية صريحة‏,‏ بالاضافة الي آيات آخري عديدة تقرب دلالاتها من الصراحة‏.‏ مما يبلغ بالآيات الكونية الي سدس آيات القرأن الكريم تقريبا‏.‏ ويقف المفسرون من هذه الآيات الكونية مواقف متعددة‏,‏ فمنهم المضيقون والموسعون والمعتدلون‏,‏ فالمضيقون يرون أن تلك الاشارات لم ترد في القرأن لذاتها‏,‏ وإنما وردت من قبيل الاستدلال علي قدرة الله تعالي‏,‏ وإبداعه في خلقه‏,‏ وقدرته علي إفناء الخلق وإعادته من جديد‏,‏ ومن ثم فلا يجوز تفسيرها في ضوء من معطيات العلوم الحديثة وذلك بدعوي انطلاق الكتابات العلمية من منطلقات مادية‏,‏ منكرة لكل ماهو فوق المدرك المحسوس‏.‏
أما الموسعون فيرون أن القرأن الكريم يشتمل علي جميع العلوم والمعارف‏,‏ ولابد لحسن فهم ذلك من تفسيره علي ضوء ماتجمع لدي الإنسان من رصيد علمي خاصة في مجال العلوم البحتة والتطبيقية‏,‏ ومن ثمن فقد قاموا بتبويب آيات الكونيات في كتاب الله وتصنيفها حسب التصانيف المعروفة في مختلف مجالات تلك‏;‏ العلوم‏,‏ وقد تميز ذلك بشيء من التكلف الذي أدي الي رفض المنهج والوقوف في وجهه‏.‏

أما المعتدلون فيرون أنه مع التسليم بأن الاشارات الكونية في القرآن الكريم قد وردت في معرض التذكير بقدرة الله‏,‏ وبديع صنعه‏,‏ فانها تبقي بيانا من الله‏,‏ خالق الكون ومبدع الوجود‏,‏ ومن ثم فهي كلها حق مطلق‏.‏ ولا غرابة إذن من إنسجامها مع قوانين الله وسننه في الكون‏,‏ ومع معطيات العلوم الحديثة عن حقائق هذا الكون‏,‏ كذلك فأنهم يرون أنه مع التسليم بأن تلك الاشارات لم ترد في القرأن الكريم بهدف التبليغ بالحقيقة العلمية‏,‏ لأن الحكمة الإلهية قد اقتضت ترك ذلك لاجتهاد الإنسان علي مر الزمن‏,‏ إلا أنها تتميز بالدقة المتناهية في التعبير‏,‏ والثبات في الدلالة‏,‏ والشمول في المعني بحيث يدرك فيه كل جيل مايتناسب ومستوياتهم الفكرية‏,‏ وماوصلوا إليه من علوم عن الكون ومافيه‏,‏ ثم ان تلك الدلالات تتميز كلها بالسبق الي الحقيقة الكونية قبل ان تدرك الكشوف العلمية شيئا منها بقرون طويلة‏,‏ وهذا في حد ذاته يمثل الإعجاز العلمي للقرأن الكريم الذي هو أحد أوجه الإعجاز العديدة في كتاب الله‏,‏ ولكنه يبقي من أنسبها لعصر التقدم العلمي والتقني الذي نعيشه لتثبيت إيمان المؤمنين‏,‏ ودعوة الجاحدين من مختلف صور المشركين والكافرين والضالين‏,‏ في زمن تحول فيه العالم الي قرية كبيرة‏,‏ مايحدث في أحد أركانها يتردد صداه في بقية أرجائها‏,‏ ولا يأمن أهل الحق أن يصيبهم ماأصاب الأمم الضالة من عقاب‏,‏ أو أن يجرفهم تيار الحضارة المادية فيذيبهم في بوتقتها فيخسرون بذلك الدنيا والآخرة‏,‏ وطوق النجاة في الجالتين الاعتزاز بالاسلام العظيم‏,‏ والتمسك بالقرأن الكريم الذي يتجلي إعجازه العلمي في عصر العلم الذي نعيشه‏.‏

  رد مع اقتباس