عرض مشاركة واحدة
قديم 23 / 09 / 2011, 28 : 03 PM   #1
عبدالله 12 
مدير المنتدى العام

 


+ رقم العضوية » 52810
+ تاريخ التسجيل » 17 / 04 / 2011

+ الجنسْ »

+ الإقآمـہ »

+ مَجموع المشَارگات » 2,588
+ معَدل التقييمْ » 1365
شكراً: 16
تم شكره 75 مرة في 68 مشاركة

عبدالله 12 غير متواجد حالياً

افتراضي الاختلاف في تذوّق الجمال


حب الجمال هونزعة فطرية فطر الله النفس الإنسانية عليها، فتجعل هذه النفس تميل إلى الجمال وتنجذب نحوه.
ولو أردنا أن نحدد مقدار ذلك الجمال فإن هذا الأمر يصعب تحديده، ولكن باستطاعة النفوس أن تحس به وتتذوقه متى أدركته، وعندئذ تنجذب نحوه وتأنس به وترتاح إليه، وتسعد بلذة إحساس المشاعر تجاهه.
وبالتأكيد فإن الناس يتفاوتون من حيث تذوقهم للجمال والإحساس به وبتفاصيله، ويكون تفاوتهم هذا مثل تفاوتهم في مختلف قدراتهم الجسمية والفكرية.
والجمال يكون في كل المجالات التي تدركها الحواس الظاهرة والباطنة، فنجده في كل شيء ومن ضمنها الأفكار والأخلاق والسلوك.
ففي المرئيات، نُشاهد أناسٍ ومناظر جميلة تتفاوت فيما تحظى به من تقدير لجمالها تفاوتاً كبيراً، ونشاهد عكس ذلك من المناظر وغيرها التي تتفاوت أيضاً في قبحها، كما نشاهد المرئيات الفاترة التي لاتجذب ولا تنّفر.
وفي الصوتيات نجد بأن الحال يتشابه، فنحن نسمع أصواتاً جميلة تتفاوت فيما بينها بنسب جمالها، وبالمثل بالنسبة للأصوات الغير مريحة.
وكذلك الحال بالنسبة للروائح،والملابس، والطعام، وإلى غير ذلك مما يمكن أن تدركه الحواس المختلفة التي أكرمنا بها سبحانه وتعالى.

وإذا تحولنا إلى المشاعر فسندرك بأننا نشعر بأحاسيس وجدانية جميلة وجذابة مثل مشاعر الحب، ومشاعر الراحة نتيجة لعمل الخير، والشعور بطمأنينة القلب، الشعور بالأبوة والأمومة. وفي المقابل فإن هناك من المشاعر الغير مريحة مثل الشعور بالخوف والحقد والحسد.

ويمكن تطبيق مبدأ الجمال أيضاً على الأفكار، فهناك أفكار جيدة ومشوقة تلقى الإعجاب والتقدير، وهناك الأفكار الغير مستحبة التي لا تلقى منّا إلا الاستهجان، وبين هذا وذاك توجد أفكار فاترة لا تستنهض الشعور بالاستحسان ولا بالاستهجان .

ومن المعروف بأن الزينة الحسية تزيد الجمال جمالاً، وتعطينا لذة أكثر للاستمتاع بهذا الجمال، حتى الطيبات من المآكل والمشارب يزيدها حسناً وجاذبية لدى الناس إذا قُدمت بأطباق جميلة ومناسبة، وفي مكان منظم وأنيق. ويمكن أن يُقال نفس الشيء عن الأفكار والمقترحات، فكلما كان عرض هذه الأفكار بطريقة سلسة وواضحة ومتدرجة، كان قبولها لدى الآخرين أكثر احتمالاً.

ومادام الحديث عن الجمال وفلسفته، فيمكننا أن نعرّج إلى أسباب اختلاف نظرة البعض من الناس إلى الجمال، حيث يحدث أحياناً أن تستحسن مجموعة من الناس شيء ما، بينما لا توافقها في ذلك مجموعة أخرى، ونجد في نفس الوقت بأن مجموعة ثالثة لم يحرك فيها ذلك الشيء أي شعور إيجابي أو سلبي.
ولعل من أسباب الاختلافات في تقييم الجمال ما يلي :
- الاختلاف بين أمزجة وأذواق الناس، فمن الطبيعي أن لا يحب الجميع نفس اللون أو الطعم أو الشكل.
- تدخّل الأهواء الشخصية أو المصالح في تقييم الجمال بعكس من ليس لهم أي مصالح أو أهواء، وهذا يُلاحظ لدى المتعصبين من مشجعي الأندية الرياضية.
- حكم العادة، فكثير من الناس إذا تعوّد لوناً من ألوان الجمال فإنه في الغالب يفضله تلقائياً على غيره، ويحكم له بأنه الأجمل حتى وإن لم يكن كذلك.
- التأثر بالبيئة، فللبيئة دور في اختلاف نظرات الناس للجمال، حيث يختلف في الغالب التقييم بين مجتمعات ومجتمعات أخرى تبعاً لاختلاف بيئاتهم، وهذا الاختلاف نلاحظه بوضوح في اختلاف ألوان المباني بين البيئات الصحراوية وغيرها، ونلاحظه أيضاً في اختلاف معايير جمال النساء بين بعض المناطق في أفريقيا وغيرها من مناطق العالم.
- اختلاف القدرة على التقييم الصحيح للجمال، فليس الكل قادر على التقييم العلمي الصحيح للجمال، لأن الجمال هو حقيقة مطلقة يشترك في تقديرها العاطفة والبيئة والتعليم.
- اختلاف التجارب والخبرات لدى من يقومون بالتقييم والمفاضلة.

ولهذا يجب أن نوطن أنفسنا بأن لانتضايق إذا لم يوافقنا البعض على شيء حكمنا عليه بالجمال، فلكل منّا له رائه المبنى على قناعاته / قناعاتها، ولهذا قيل " لولا اختلاف الأذواق لكسدت الأسواق"


متمنياً للجميع دوام السعادة والهناء.



  رد مع اقتباس