عرض مشاركة واحدة
قديم 29 / 05 / 2015, 53 : 11 AM   #2
رحيق مختوم 
وئامي جديد

 


+ رقم العضوية » 42605
+ تاريخ التسجيل » 08 / 04 / 2009

+ الجنسْ »

+ الإقآمـہ »

+ مَجموع المشَارگات » 47
+ معَدل التقييمْ » 10
شكراً: 0
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة

رحيق مختوم غير متواجد حالياً

افتراضي رد: احفظ الله يحفظك وتجده تجاهك

ذَهَبَ اِلَى بَلَدِه(نَعَمْ اَخِي: كَثِيرٌ مِنَ الشَّبَابِ فِي اَيَّامِنَا يَقُولُ: اَنَا شَابٌّ وَاَنَا كَذَا، وَفِي الْمُسْتَقْبَلِ سَتَضْعُفُ قُوَايَ، وَسَيُصِيبُنِي الْعَجْزُ، نَعَمْ اَخِي: وَحِينَمَا اَنْتَهِي مِنْ هَذِهِ الْقِصَّةِ سَاُعْطِيكَ الدَّوَاء( نَعَمْ اَخِي: فَرَجَعَ اِلَى بَلَدِهِ، وَاَنْشَاَ مَدْرَسَةً شَرْعِيَّةً، وَظَلَّ مُشْرِفاً عَلَيْهَا وَمُدَرِّساً فِيهَا ثَمَانِينَ عَاماً، نَعَمْ اَخِي: عَاشَ اَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ سَنَةٍ! فَكَانَ يَقُولُ لِتَلَامِذَتِهِ: اَبُوكَ كَانَ تِلْمِيذاً عِنْدِي! بَلْ كَانَ يَقُولُ لِبَعْضِ التَّلَامِيذِ: جَدُّكَ كَانَ تِلْمِيذاً عِنْدِي! فَانْظُرْ اَخِي اِلَى هَذَا الْعُمُرِ الْمَدِيد، نَعَمْ اَخِي: مَاذَا يَقُولُ وَاصِفُوه: قَالُوا: فَمَازَالَ بَصَرُهُ حَادّاً! وَمَازَالَ سَمْعُهُ مُرْهَفاً! وَمَازَالَتْ اَسْنَانُهُ مُنْتَظَمَةً! وَمَازَالَ يَمْشِي مُنْتَصِبَ الْقَامَةِ وَقَدْ تَجَاوَزَ الْمِائَةَ مِنْ عُمُرِهِ! فَكَانَ اِذَا سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ مَاهَذِهِ الصِّحَّة مَاشَاءَ اللهُ يَامَوْلَانَا؟ قَالَ: حَفِظْنَاهَا فِي الصِّغَرِ، فَحَفِظَهَا اللهُ تَعَالَى لَنَا اَوْعَلَيْنَا فِي الْكِبَر، نَعَمْ اَخِي: وَلِذَلِكَ اَنْهَى الشَّبَابَ عَنْ كُلِّ هَذِهِ الْعَادَاتِ الَّتِي تُؤَدِّي اِلَى اِضْعَافِ الْعَقْلِ وَاِلَى وَهْنِ الْجِسْمِ مِنْ مُخَدِّرَاتٍ وَمِنْ خُمُورٍ وَمِنْ تَدْخِينٍ وَمِنْ سَهَرٍ طَوِيلٍ فِي اللَّيْلِ، وَهَذَا الَّذِي يُنْهِكُ الصِّحَّةَ وَيُدَمِّرُهَا، نَعَمْ اِنَّ هَذَا الشَّيْخَ كَانَ فَيْلَسُوفاً عَظِيماً حِينَمَا قَالَ حَفِظْنَاهَا فِي الصِّغَرِ فَحَفِظَهَا اللهُ لَنَا فِي الْكِبَر، نَعَمْ اَخِي: وَلَقَدْ قَرَاْتُ عَنْ عَالِمٍ فِي مِصْرَ(مَاشَاءَ اللهُ لَاقُوَّةَ اِلَّا بِاللهِ( اَنَّهُ بَلَغَ مِائَةً وَثَلَاثِينَ سَنَةً! وَكَانَ يُؤْتَى بِهِ اِلَى مَجْمَعِ الْبُحُوثِ الْاسْلَامِيَّةِ فِي مِصْرَ فِي الْاَزْهَرِ؟ مِنْ اَجْلِ اَنْ يَكُونَ مُشْتَرِكاً فِي دَوْرَاتِهِ، وَكَانَ اِذَا تَكَلَّمَ، كَانَ مُتَوَقِّدَ الذِّهْنِ وَالْفِكْرِ، نَعَمْ مِائَةٌ وَثَلَاثُونَ سَنَةً، نِصْفُهَا خَمْساً وَسِتِّينَ سَنَةً، مَنْ يَبْلُغُهَا يَقُولُ النَّاسُ عَنْهُ خِتْيِار وَعَجُوز! فَمَا بَالُكَ اَخِي بِمِائَةٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةً وَهُوَ مُتَوَقِّدُ الذِّهْنِ وَالْفِكْرِ وَهُوَ بَالِغٌ بَارِعُ الْعَطَاء، وَكَانَ يَدْعُو اللهَ وَيَقُولُ: يَارَبّ لَاتُمِتْنِي(وَطَبْعاً سَيَمُوتُ النَّاسُ جَمِيعاً بِانْتِهَاءِ آَجَالِهِمْ(وَلَكِنْ لَاتَجْعَلْنِي اَعْجَزُ عَنْ تَبْلِيغِ دَعْوَتِكَ وَرِسَالَتِكَ وَتَفْقِيهِ النَّاسِ اِلَى آَخِرِ لَحْظَةٍ مِنْ حَيَاتِي، فَمَاذَا حَدَثَ لَهُ؟ صَلَّى الْجُمُعَةَ خَطِيباً عَلَى الْمِنْبَرِ، ثُمَّ نَزَلَ فَصَلَّى الْفَرِيضَةَ وَخَتَمَ الصَّلَاةَ بِقَوْلِهِ يَمِيناً وَشِمَالاً اَلسَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ الله، فَفَاضَتْ رُوحُهُ اِلَى بَارِئِهَا، نَعَمْ اَخِي: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا اِذَا قَرَاَ قَوْلَ اللهِ عَزَّ وَجَلّ {وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ اِلَى اَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لَايَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئَا(فِي سُورَةِ الْحَجِّ، فَحِينَمَا كَانَ يَقْرَؤُهَا ابْنُ عَبَّاسٍ مَاذَا يَقُول؟ نَعَمْ اَخِي يَقُولُ: اَلْحَمْدُ لِلهِ الَّذِي قَالَ وَمِنْكُمْ؟ لِاَنَّ كَلِمَةَ مِنْ هُنَا فِي كَلِمَةِ مِنْكُمْ، تُفِيدُ التَّبْعِيض، وَالْمَعْنَى هُوَ التَّالِي: لَيْسَ كُلُّ النَّاسِ يُرَدُّونَ اِلَى اَرْذَلِ الْعُمُرِ، بَلْ بَعْضُهُمْ، وَلِذَلِكَ اَخِي: اِذَا اَرَدْتَّ اَنْ تَبْقَى صَحِيحاً، فَمَاذَا تَفْعَل؟ دَائِماً اَخِي اِسْتَمِعْ اِلَى مَايُرْضِي اللهَ وَرَسُولَهُ، فَاِنَّ اللهَ يَحْفَظُ عَلَيْكَ سَمْعَكَ وَبَصَرَكَ وَبَدَنَك، نَعَمْ اَيُّهَا الشَّابّ، وَاَنْتَ تَعِيشُ فِي جَوِّ الْمُغْرَيَاتِ بِكُلِّ اَصْنَافِهَا وَاَشْكَالِهَا، غُضَّ بَصَرَكَ عَنِ الْحَرَامِ، فَاِنَّ اللهَ يَحْفَظُ عَلَيْكَ بَصَرَك، اِتَّجِهْ بِرِجْلَيْكَ اِلَى بُيُوتِ اللهِ، وَاِلَى بُيُوتِ الْعِلْمِ، وَاِلَى فِعْلِ الْخَيْرِ، يُبْقِيهَا اللهُ تَعَالَى عَلَيْك، وَلْتُنْفِقْ يَمِينُكَ حَتَّى لَاتَرَى شِمَالُكَ مَاتُنْفِقُ يَمِينُكَ، فَاِنَّ اللهَ يَحْفَظُ يَدَيْكَ اَنْ تَمْتَدَّ اِلَى النَّاسِ بِسُوءٍ، اَوْ تَمْتَدَّ اَيْدِيهِمْ اِلَيْكَ بِسُوءٍ وَيَصُونُهَا، نَعَمْ يَااِخْوَتِي، كَمْ نَحْنُ بِحَاجَةٍ اِلَى اَنْ نَبْذُلَ مِنْ اَمْوَالِنَا، وَمِنْ عِلْمِنَا، وَمِنْ جَاهِنَا؟ مِنْ اَجْلِ بِنَاءِ اُمَّتِنَا، وَمِنْ اَجْلِ بِنَاءِ وَطَنِنَا، وَلَاسِيَّمَا وَلَانَنْسَى الذِّكْرَى الَّتِي مَرَّتْ بِنَا فِي شَهْرِ نَيْسَان، اِنَّهَا ذِكْرَى الْجَلَاءِ، وَفِيهَا مِنْ هَؤُلَاءِ الْاَجْدَادِ الَّذِينَ كَافَحُوا وَجَاهَدُوا؟ مِنْ اَجْلِ بِنَاءِ اُمَّتِنَا وَوَطَنِنَا، حَتَّى جَعَلُوا الْمُسْتَعْمِرَ يَحْمِلُ عَصَاهُ وَيُوَلّي الْاَدْبَار، نَعَمْ اَخِي: اُنْظُرْ اِلَى سُلُوكِ الْمُسْتَعْمِرِ، وَلَقَدْ كَانَ هَذَا الْمُسْتَعْمِرُ سَابِقاً اَذْكَى وَاَخْبَثَ مِنَ الْآَتِي الَّذِي جَاءَ بَعْدَهُ، وَكَانَ يُرَاعِي مَشَاعِرَ الْاُمَّةِ الَّتِي يَسْتَعْمِرُهَا! وَخَاصَّةً فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالدِّين! وَكَانَ يُرَاعِي ذَلِكَ! حَتَّى قَالَ لَنَا مَنْ هُوَ اَكْبَرُ مِنَّا سِنّاً: كَانَ مَنْ ضُبِطَ وَهُوَ يُفْطِرُ فِي رَمَضَانَ عَلَناً! اُودِعَ الْحَبْسَ اِلَى مَابَعْدَ الْعِيدِ! وَلَايُقْبَلُ لَهُ وَاسِطَةٌ اَبَداً! وَكَانَ اِذَا لَاحَقَ اِنْسَاناً مُجْرِماً( وَرُبَّمَا لَمْ يَكُنْ مُجْرِماً، بَلْ فِي تَصَوُّرِهِمْ كَانَ مُجْرِماً، وَمَاهُوَ فِي حَقِيقَتِهِ اِلَّا مُجِاهِدٌ ضِدَّهُمْ( فَاِذَا دَخَلَ اِلَى بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللهِ، امْتَنَعُوا اَنْ يَدْخُلُوا عَلَيْهِ بَيْتَ اللهِ! وَتَرَبَّصُوا لَهُ فِي الْخَارِجِ حَتَّى يَخْرُجَ! وَكَانُوا اِذَا رَاَوْا اِنْسَاناً يُحَمِّلُ بَهِيمَةً فَوْقَ طَاقَتِهَا، اَنْزَلُوا الْحِمْلَ عَنِ الْبَهِيمَةِ، وَجَعَلُوهُ يَجُرُّ هَذَا الْحِمْلَ! نَعَمْ لِمَاذَا؟ لِاَنَّ الشَّعْبَ كَانَ مُتَدَيِّناً، نَعَمْ اَخِي: فَهَؤُلَاءِ اَجْدَادُنَا! كَمْ نَجْهَلُ تَارِيخَهُمْ! وَكَمْ نَجْهَلُ سِيرَتَهُمْ؟ لِاَنَّنَا لَانَغُوصُ فِي اَعْمَاقِ هَؤُلَاءِ الرِّجَالِ اَبَداً، وَلِذَلِكَ اَبْدَعَ الشُّعَرَاءُ فِي وَصْفِ هَؤُلَاءِ، وَمِنْهُمْ اَمِيرُ الشُّعَرَاءِ اَحْمَدُ شَوْقِي رَحِمَهُ اللهُ فِي قَوْلِهِ: سَاَذْكُرُ مَاحَيِيتُ جِدَارَ قَبْرٍ، بِظَاهِرِ جِلِّقٍ رَكِبَ الرِّمَالَا، مُقِيمٌ مَااَقَامَتْ مَيْسَلُونُ، يَذْكُرُ مَتْرَعَ الْاُسْدِ الشِّبَالَا، تَغَيَّبَ عَظْمَةُ الْعَظَمَاتِ فِيهِ(وَهُوَ يُوسُفُ الْعَظْمَةِ رَحِمَهُ الله( وَاَوَّلُ سَيِّدٍ لَقِيَ النِّبَالَا( وَكَانَ وَزِيراً لِلدِّفَاعِ، فَلَمْ يَاْمُرْ جُنْدَهُ بِقِتَالِ الْعَدُوِّ وَهُوَ يُدِيرُهُمْ مِنْ وَرَاءِ الْكَوَالِيسِ، وَاِنَّمَا ذَهَبَ هُوَ لِيَكُونَ قَائِداً فِي الْمَعْرَكَةِ حَتَّى اسْتُشْهِد(وَاَرْسَلْنَ الرِّيَاحَ عَلَيْهِ نَاراً، فَمَا حَفَلَ الْجَنُوبَ وَلَا الشِّمَالَا، اَقَامَ نَهَارَهُ يُلْقِي وَيَلْقَى، فَلَمَّا زَالَ قُرْصُ الشَّمْسِ زَالَا، فَكُفِّنَ بِالصَّوَارِي وَالْعَوَارِي، وَغُيِّبَ حَيْثُ جَالَ وَحَيْثُ صَالَا، نَعَمْ اَخِي: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ بَنَوْا هَذَا التَّارِيخ! وَكُلُّ هَؤُلَاءِ الثُّوَّارِ سَوَاءً كَانُوا فِي الدَّاخِلِ اَوْ فِي السَّاحِلِ وَفِي سَائِرِ الْمُدُنِ، كَانُوا مُتَدَيِّنِينَ، وَلَكِنْ كَثِيراً مَاتُغْفَلُ هَذِهِ النَّاحِيَةُ، وَهِيَ اَنَّ الدِّينَ وَالْاِيمَانَ هُوَ الَّذِي دَفَعَهُمْ اِلَى اَنْ يُقَاوِمُوا هَذَا الْعَدُوَّ حَتَّى نَصَرَهُمُ الله، نَعَمْ اَخِي: لَانَنْسَى اَجْدَادَنَا هَؤُلَاءِ اَبَداً، سَلَامٌ مِنْ صِبَا بَرَدَى اَرَقُّ، وَدَمْعٌ لَايُكَفْكَفُ يَادِمَشْقُ، وَبِي مِمَّا رَمَتْكِ بِهَا اللَّيَالِي، جِرَاحَاتٌ لَهَا فِي الْقَلْبِ عُمْقُ، رِبَاعُ الْخُلْدِ وَيْحَكِ مَادَهَاهَا، اَحَقٌّ اَنَّهَا دُرِسَتْ اَحَقُّ، دَمُ الثُّوَّارِ تَعْرِفُهُ فَرَنْسَا، وَتَعْلَمُ اَنَّهُ نُورٌ وَحَقُّ، نَعَمْ هَذَا هُوَ تَارِيخُنَا، وَهَذِهِ هِيَ ذِكْرَى اَجْدَادِنَا، وَهَذَا هُوَ وَطَنُنَا، وَهَذِهِ هِيَ بِلَادُنَا الَّتِي تَحْتَاجُ الْيَوْمَ اِلَى اَنْ تَكُونَ يَداً وَاحِدَةً، وَاَنْ تَكُونَ قَلْباً وَاحِداً، وَلَنْ يَكُونَ ذَلِكَ اِلَّا حِينَمَا نَعُودُ اِلَى دِينِنَا، وَحِينَمَا نَعُودُ اِلَى الْمَبَادِىءِ الْاِنْسَانِيَّةِ الَّتِي وَضَعَهَا لَنَا مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله، نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة: هَذِهِ وَمْضَةٌ، وَهَذِهِ اِضَاءَةٌ مُسَلَّطَةٌ عَلَى الْعُقُولِ الْوَاعِيَةِ وَعَلَى الْقُلُوبِ النَّيِّرَةِ؟ لِتَسْتَقِيمَ عَلَى اَمْرِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَوَاللهِ الَّذِي لَا اِلَهَ غَيْرُهُ، لَنْ نُنْقَذَ اِلَّا بِمَا اُنْقِذْنَا بِهِ مِنْ قَبْلُ وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللِه جَمِيعاً وَلَاتَفَرَّقُوا، وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ، اِذْ كُنْتُمْ اَعْدَاءً، فَاَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ، فَاَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ اِخْوَانَا(اَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَاَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ، اَلْحَمْدُ لِلهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ وَعَلَى اَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ وَآَلِهِ وَاَصْحَابِهِ وَمَنْ وَالَاهُمْ وَبَعْدُ، نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة، نَشْكُرُ مَشَاعِرَكُمْ وَاَحَاسِيسَكُمْ غَضَباً لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَغَضَباً لِمَحَارِمِهِ اَنْ تُنْتَهَكَ، وَلَكِنْ كُونُوا كَالْمُحِبِّ الْعَاقِلِ لِخَطِيبِ الْجُمُعَةِ، لَا كَالْمُحِبِّ الْجَاهِل، نَعَمْ اَخِي: وَالْمُحِبُّ الْعَاقِلِ يُرِيحُ مَنْ يُحِبُّه، وَاَمَّا الْمُحِبُّ الْجَاهِلُ، فَيُتْعِبُ مَنْ يُحِبُّهُ، فَكُونُوا اَيُّهَا الْاِخْوَةُ عُقَلَاءَ، فَنَحْنُ لَنَا عَقْلٌ، وَلَنَا فِكْرٌ، وَلَنَا تَفْكِيرٌ، وَعَلَيْكُمْ بِالْهُدُوءِ وَالسَّكِينَةِ وَعَدَمِ الضَّجِيجِ عِنْدَ الْخُرُوجِ مِنَ الْمَسْجِد اِذَا اَحْدَقَ بِكُمُ الْخَطَرُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ وَلَمْ تَسْتَطِيعُوا تَاْمِينَ اَنْفُسِكُمْ، نَعَمْ اَخِي: وَلَابُدَّ لَنَا قَبْلَ اَنْ نَخْتِمَ هَذِهِ الْمُشَارَكَةَ، اَنْ نَبْعَثَ لَكُمْ شَيْئاً مِنْ رَسَائِلِ التَّوْحِيدِ وَلُمْعَةِ الِاعْتِقَادِ، وَنَبْدَاُ بِالرِّسَالَةِ الْاُولَى: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى اَشْرَفِ الْمُرْسَلِينَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللهِ وَعَلَى اَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ وَآَلِهِ وَاَصْحَابِه، قَالَ الشَّيْخُ الْاِمَامُ الْعَلَّامَةُ مُوَفَّقُ الدِّينِ عَبْدُ اللهِ بْنُ اَحْمَدُ بْنُ خُزَامَةُ الْمَقْدِسِيُّ رَحِمَهُ الله: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم، اَلْحَمْدُ لِلهِ الْمَحْمُودِ بِكُلِّ لِسَان، اَلْمَعْبُودِ فِي كُلِّ زَمَان، اَلَّذِي لَايَخْلُو مِنْ عِلْمِهِ مَكَان، وَلَايَشْغَلُهُ شَاْنٌ عَنْ شَان، جَلَّ عَنِ الْاَشْبَاهِ وَالْاَنْدَاد، وَتَنَزَّهَ عَنِ الصَّاحِبَةِ وَالْاَوْلَاد، وَنَفَذَ حُكْمُهُ فِي جَمِيعِ الْعِبَاد، لَاتُمَثّلُهُ الْعُقُولُ فِي التَّفْكِيرِ، وَلَاتَتَوَهَّمُهُ الْقُلُوبُ فِي التَّصْوِيرِ، لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِير، لَهُ الْاَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَالصِّفَاتُ الْعُلَى، اَلرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى، لَهُ مَافِي السَّمَوَاتِ وَمَافِي الْاَرْضِ وَمَابَيْنَهُمَا وَمَاتَحْتَ الثَّرَى، وَاِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَاِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَاَخْفَى، اَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً، وَقَهَرَ كُلَّ مَخْلُوقٍ عِزَّةً وَحُكْماً، وَوَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً، يَعْلَمُ مَابَيْنَ اَيْدِيهِمْ وَمَاخَلْفَهُمْ وَلَايُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً، مَوْصُوفٌ بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ فِي كِتَابِهِ الْعَظِيمِ وَعَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ الْكَرِيم، نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَةُ: وَنَكْتَفِي بِهَذَا الْقَدْرِ، وَنَبْدَاُ بِشَرْحِ مَاذَكَرَهُ الْعَلَّامَةُ مُوَفَّقُ الدِّينِ عَلَى بَرَكَةِ الله، نَعَمْ اَخِي: فَهَذِهِ الرِّسَالَةُ الْمَوْسُومَةُ بِلُمْعَةِ الِاعْتِقَادِ، مِنْ نُبَذِ الْعَقِيدَةِ، بِمَعْنَى اَنَّهَا مِنْ مُتُونِهَا الْمُخْتَصَرَةِ، وَقَدْ ضَمَّتْ مَبَاحِثَ الِاعْتِقَادِ، وَاَثْنَى عَلَيْهَا الْعُلَمَاءُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَفَّقِ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى، وَهِيَ حَقِيقَةٌ بِاَنْ تُفَصَّلَ كَلِمَاتُهَا وَجُمَلُهَا، وَاَنْ تُبَيَّنَ مَبَاحِثُهَا بِشَيْءٍ مِنَ التَّفْصِيل، وَلَمَّا كَانَتْ هَذِهِ الْاَيَّامُ الَّتِي نَسْتَقْبِلُهَا لَاتَكْفِي وَلَاتَفِي بِاَنْ تُشْرَحَ هَذِهِ الْعَقِيدَةُ شَرْحاً وَافِياً، لِهَذَا سَنَمُرُّ عَلَيْهَا مُرُوراً فِيهِ اِيضَاحُ كَثِيرٍ مِنْ مَسَائِلِهَا عَلَى شَكْلِ الْاِيجَازِ وَوَجْهِهِ، نَعَمْ اَخِي: وَهَذِهِ الْخُطْبَةُ الَّتِي ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ بَيْنَ يَدَيْ كِتَابِهِ وَرِسَالَتِهِ، فِيهَا مَايُسَمِّيهِ عُلَمَاءُ الْبَلَاغَةِ بَرَاعَةَ الِاسْتِهْلَال، نَعَمْ اَخِي: وَبَرَاعَةُ الِاسْتِهْلَالِ يَعْتَنِي بِهَا اَهْلُ الْعِلْمِ، وَمَعْنَاهَا: اَنْ يُضَمِّنُوا الْخُطْبَةَ الَّتِي بَيْنَ يَدَيْ كُتُبِهِمْ اَوْ بَيْنَ يَدَيْ كَلَامِهِمْ وَخُطَبِهِمْ مَاسَيَتَكَلَّمُونَ بِهِ اَوْ يُفَصِّلُونَهُ، وَلِذَلِكَ لَمَّا كَانَ بَحْثُ هَذَا الْكِتَابِ فِي الِاعْتِقَادِ وَفِي تَنْزِيهِ اللهِ جَلَّ وَعَلَا وَمَايَسْتَحِقُّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَهَذَا اَعْلَى وَاَعْظَمُ مَافِي مَبَاحِثِ الِاعْتِقَاد، ضَمَّنَ الْعَلَّامَةُ الْمُوَفَّقُ هَذِهِ الْخُطْبَةَ الثَّنَاءَ عَلَى اللهِ تَعَالَى وَذِكْرَ اسْتِوَائِهِ سُبْحَانَهُ عَلَى عَرْشِهِ وَذِكْرَ عِلْمِهِ عَزَّ وَجَلَّ وَاِحَاطَتِهِ بِكُلِّ شَيْء، فَذَكَرَ اَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مَوْصُوفٌ بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهَ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا بَيَّنَهُ فِي هَذِهِ الْخُطْبَة، نَعَمْ اَخِي: وَاَمَّا خُطْبَةُ الْحَاجَةِ الْمَشْهُورَةُ وَالَّتِي وَرَدَتْ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَغَيْرِهِ مِنْ اَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ بَيْنَ يَدَيْ حَاجَاتِهِ اِنَّ الْحَمْد لِلهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ اِلَى آَخِرِهِ، فَهَذِهِ مَشْرُوعَةٌ بَيْنَ يَدَيِ الْحَاجَاتِ، وَكَثِيراً مَاكَانَ يَقُولُهَا عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَلَكِنْ لَيْسَ هَذَا اَمْراً مُضْطَّرِداً بِمَعْنَى اَنَّ رَسُولَ اللهِ لَمْ يَفْعَلْهُ دَائِماً، وَلِهَذَا اَهْلُ الْعِلْمِ تَارَةً يَبْدَؤُونَ كُتُبَهُمْ وَخُطَبَهُمْ وَمُؤَلَّفَاتِهِمْ بِتِلْكَ الْخُطْبَةِ الْمَعْرُوفَةِ بِخُطْبَةِ الْحَاجَةِ، وَتَارَةً يَجْعَلُونَ خُطَبَهُمْ مَذْكُورَةً بِمَا يُرِيدُونَ ذِكْرَهُ فِي خُطْبَتِهِمْ اَوْ مُؤَلَّفِهِمْ اَوْ رِسَالَتِهِمْ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي اَسْلَفْتُ لَكَ اَخِي اَنَّهُ يُسَمَّى بَرَاعَةَ الِاسْتِهْلَالِ، وَلِهَذَا يَجْتَهِدُ اَهْلُ الْعِلْمِ فِي الِابْتِدَاءِ بِمِثْلِ هَذَا اللَّفْظِ الْعَظِيمِ الْمُوجَزِ الَّذِي يَدُلُّ عَلَى الْمُرَادِ، بَلْ وَيَتَنَافَسُ الْعُلَمَاءُ فِي اَنْ يُضَمِّنُوا سُطُورَ خُطَبِهِمْ لِكُتُبِهِمْ وَلِغَيْرِهَا مَايُرِيدُونَ اِيضَاحَهُ فِي كُتُبِهِمْ اَوْ فِي خُطَبِهِمْ وَنَحْوِ ذَلِك، نَعَمْ اَخِي وَاَمَّا الْمَسْاَلَةُ الثَّانِيَةُ: هِيَ اَنَّ مَبَاحِثَ الِاعْتِقَادِ عِنْدَ اَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ مَبْنِيَّةُ عَلَى شَرْحِ اُصُولِ الْاِيمَانِ السِّتَّةِ، اَلَا وَهِي الْاِيمَانُ بِاللهِ، وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ، وَبِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ مِنَ اللهِ تَعَالَى، نَعَمْ اَخِي: فَالْاِيمَانُ بِاللِه يَشْمَلُ الْاِيمَانَ بِاَنَّهُ جَلَّ وَعَلَا وَاحِدٌ فِي اِلَهِيَّتِهِ مُسْتَحِقٌّ لِلْعِبَادَةِ دُونَمَا سِوَاهُ، وَيَشْمَلُ الْاِيمَانَ بِاَسْمَائِهِ سُبْحَانَهُ وَصِفَاتِهِ، وَاَنَّهُ وَاحِدٌ فِي اَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ لَاشَبِيهَ لَهُ وَلَامَثِيلَ فِي اَسْمَائِهِ وَصِفَاتِه، نَعَمْ اَخِي: وَهَذَا الْبَحْثُ وَاَعْنِي بِهِ الْكَلَامَ عَنِ الْاِيمَانِ بِاللهِ، لَمْ يَكُنْ فِي اَوَّل ِالْاِسَلَامِ فِي قُرُونِهِ الْاُولَى لِمَاذَا؟ لِاَنَّهُ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ حَاجَةٍ اِلَى اِفْرَادِ الْكَلَامِ عَنْ تَوْحِيدِ الْاُلُوهِيَّةِ بِخُصُوصِهِ، وَاِنَّمَا كَانُوا يَكْتَفُونَ بِالْاِجْمَالِ فِيهِ؟ لِاَجْلِ عَدَمِ وُقُوعِ الشِّرْكِ فِي هَذِهِ الْاُمَّةِ وَعَدَمِ ظُهُورِهِ فِيهَا ابْتِدَاءً، فَكَانَتْ جُلُّ مَبَاحِثِ الِاعْتِقَادِ فِيمَا يَتَّصِلُ بِمَبْحَثِ الْاِيمَانِ بِالله عَنِ الْاَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ وَغَيْرِهَا، يُعْرَضُ لَهُ بِشَكْلٍ مِنَ الْاِجْمَالِ، لَكِنْ لَمَّا ظَهَرَ الشِّرْكُ وَفَشَا، كَانَ لِزَاماً اَنْ يُفْرَدَ هَذَا الْاِيمَانُ بِاللهِ بِالتَّصْنِيف، وَلِهَذَا اَخِي، لَاتَجِدُ فِي مَبَاحِثِ الِاعْتِقَادِ الَّتِي فِي هَذِهِ الرِّسَالَة، لَاتَجِدُ الْكَلَامَ مُفَصَّلاً عَنْ تَوْحِيدِ الْعِبَادَةِ وَعَنْ تَوْحِيدِ الْاِلَهِيَّةِ بِمِثْلِ مَااعْتَنَى بِهِ الْعُلَمَاءُ مِنْ بَعْدُ، وَاِنَّمَا تَجِدُ الْكَلَامَ مُفَصَّلاً فِي مَبَاحِثِ تَوْحِيدِ الْاَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ، وَهَذَا لِاَجْلِ الْحَاجَةِ اِلَيْهِ فِي زَمَنِ تَاْلِيفِ مِثْلِ تِلْكَ الرِّسَالَة، فَكُلَّمَا كَانَتْ حَاجَةُ الْعِبَادِ اِلَى اِيضَاحِ اَمْرِ مَا مِنْ اُمُورِ هَذَا الدِّينِ اَكْثَرَ، نَجِدُ مِنْ اَهْلِ الْعِلْمِ مَنْ يُسَخِّرُهُ اللهُ لِيَعْتَنِيَ بِهِ مِنْ اَجْلِ اِيضَاحِهِ وَاِظْهَارِهِ لِلنَّاس، نَعَمْ اَخِي: كُتُبُ تَوْحِيدِ الْاِلَهِيَّةِ وَتَوْحِيدِ الْعِبَادَةِ مِنْ مِثْلِ كِتَابِ التَّوْحِيدِ وَكَشْفِ الشُّبُهَاتِ وَالْاُصُولِ وَنَحْوِهَا مِنَ الْكُتُبِ، هَذِهِ فِيهَا بَيَانٌ لِتَوْحِيدِ الْاِلَهِيَّةِ الَّذِي هُوَ اَحَدُ مَبَانِي الْعَقِيدَةِ فِي رُكْنِهِ الْاَوَّلِ وَهُوَ الْاِيمَانُ بِالله، نَعَمْ اَخِي: ثُمَّ يَذْكُرُ الْعَلَّامَةُ الْمُوَفَّقُ الْاِيمَانَ بِالْمَلَائِكَةِ وَالْكُتُبِ وَالرُّسُلِ كَمَا سَيَاْتِي اِيضَاحُهُ اِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، ثُمَّ الْاِيمَانَ بِالْيَوْمِ الْآَخِر، وَهَذَا يَدْخُلُ فِيهِ الْاِيمَانُ بِالْغَيْبِيَّاتِ، فَاِذَا اَتَى اَهْلُ الْعِلْمِ لِلْكَلَامِ عَلَى الْيَوْمِ الْآَخِرِ وَالْاِيمَانِ بِهِ، فَاِنَّهُمْ يَذْكُرُونَ الْكَلَامَ عَلَى الْغَيْبِيَّاتِ وَمَايَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ اعْتِقَادُهُ فِيهَا وَطَرِيقَةَ اَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ فِيهَا وَهِيَ مُصَارِفَةٌ وَمُنَابِذَةٌ وَمُخَالِفَةُ لِطُرُقِ اَهْلِ الضَّلَالِ وَالزَّيْغِ وَالْبِدْعَة، نَعَمْ اَخِي: ثُمَّ الْاِيمَانُ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ، نَعَمْ اَخِي: فَاِذَا تَمَّ بَيَانُ اَرْكَانِ الْاِيمَانِ السِّتَّةِ، ذَكَرُوا مَايَتْبَعُ ذَلِكَ مِنْ اُمُورِ الِاعْتِقَادِ الَّتِي اعْتَنَى بِهَا اَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ، وَهِيَ فِي اَصْلِهَا لَيْسَتْ مِنْ مَسَائِلِ الِاعْتِقَادِ، لَكِنَّهَا اُدْرِجَتْ فِي مَسَائِلِ الِاعْتِقَادِ؟ لِاَجْلِ الْحَاجَةِ اِلَيْهَا مِنْ جِهَةِ اَنَّ اَهْلَ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ خَالَفُوا فِيهَا اَهْلَ الزَّيْغِ وَالضَّلَالِ وَاَهْلَ الْبِدْعَةِ وَالْفُرْقَةِ مِنْ مِثْلِ الْكَلَامِ عَلَى الصَّحَابَةِ رِضْوَانُ اللهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ اَجْمَعِينَ، وَمِنْ مِثْلِ الْكَلَامِ فِي اُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ وَحَقِّ اُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ جَمِيعاً عَلَى الْمُؤْمِنِينَ بِعَامَّةٍ، وَمِنْ مِثْلِ الْكَلَامِ فِي الْاِمَامَةِ، وَمَايَجِبُ مِنْ طَاعَةِ اُولِي الْاَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ، وَاَنَّ الْاِمَامَةَ وَاجِبَةٌ، وَاَنَّ الْبَيْعَةَ لِلْاِمَامِ الَّذِي بُويِعَ اَنَّهَا مُتَعَيِّنَةٌ، وَلَايَجُوزُ الْخُرُوجُ عَلَى الْاَئِمَّةِ لِجَوْرِهِمْ، وَتَجِبُ الصَّلَاةُ خَلْفَهُمْ، وَالْجِهَادُ مَعَهُمْ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ مَبَاحِثِ الْاِمَامَةِ الَّتِي خَالَفَ فِيهَا اَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ الْخَوَارِجَ وَالْمُعْتَزِلَةَ وَمَنْ شَابَهَهُمْ، نَعَمْ اَخِي: كَذَلِكَ يَذْكُرُونَ(وَهُمْ اَهْلُ السُّنَّةِ( مِنْ مَبَاحِثِ الِاعْتِقَادِ مِثْلَ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ، وَذَلِكَ مُخَالَفَةً لِمَنْ لَايَرَى الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْن، نَعَمْ اَخِي: كَذَلِكَ يَذْكُرُونَ فِي مَبَاحِثِ الِاعْتِقَادِ، كَرَامَاتِ الْاَوْلِيَاءِ، وَمَايُجْرِي اللهُ عَلَى اَيْدِيهِمْ مِنْ اَنْوَاعِ الْعُلُومِ وَالْمُكَاشَفَاتِ، وَاَنْوَاعِ الْقُدْرَةِ وَالتَّاْثِيرَاتِ كَمَا هُوَ مَعْلُوم، وَيَبْسُطُونَ ذَلِكَ فِي شُرُوحِهِمْ؟ لِاَجْلِ وُجُودِ مَنْ يُخَالِفُ فِي الْاَوْلِيَاءِ وَفِي كَرَامَاتِهِمْ مِنْ جِهَةِ اِنْكَارِهَا تَارَةً كَمَا فَعَلَ الْمُعْتَزِلَة، وَمِنْ جِهَةِ الْغُلُوِّ فِي الْاَوْلِيَاءِ حَتَّى جَعَلَتْهُمْ طَائِفَةٌ فَوْقَ مَنْزِلَةِ الْاَنْبِيَاءِ كَمَا فَعَلَ طَائِفَةٌ مِنَ الْمُتَصَوِّفَةِ وَالشِّيعَة، وَهَكَذَا مَسَائِلُ الْاَخْلَاقِ، تُذْكَرُ ضِمْنَ مَسَائِلِ اعْتِقَادِ اَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَة، نَعَمْ اَخِي: فَمُعْتَقَدُ اَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ، يَشْمَلُ هَذِهِ الْاُمُورَ جَمِيعاً، وَلَيْسَ مُعْتَقَدُهُمْ خَاصّاً فَقَطْ بِالِاعْتِقَادِ فِي اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَاَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَالْقَدَرِ كَمَا قَدْ يُظَنَّ، بَلْ اِنَّ مُعْتَقَدَ اَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ، يَشْمَلُ هَذَا جَمِيعاً؟ لِاَنَّهُ بِهِ فَارَقُوا اَهْلَ الْبِدَعِ وَالزَّيْغِ الَّذِينَ يَرُدُّونَ النُّصُوصَ وَلَايَلْتَزِمُونَ بِالسُّنَّةِ وَلَايَخْضَعُونَ لَهَا، وَلَايُحَكِّمُونَهَا عَلَى اَنْفُسِهِمْ تَحْكِيماً تَامّاً، وَبِهَذَا التَّوَجُّهِ تَمَيَّزَ اَهْلُ السُّنَّةِ، بِاَنَّهُمْ يُعَظّمُونَ السُّنَّةَ، وَيُعَظّمُونَ اَهْلَهَا، وَيَنْبُذُونَ مَنْ خَالَفَهَا اَوْ خَالَفَ اَئِمَّتَهَا، نَعَمْ اَخِي: فَنَحْنُ فِيمَا نَسْتَقْبِلُ اِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، سَنَعْرِضُ بِاِيجَازٍ لِهَذِهِ الْمَبَاحِثِ الَّتِي سَيَذْكُرُهَا الْمُؤَلِّفُ الْعَلَّامَةُ الْمُوَفَّقُ بِدُونِ تَطْوِيلٍ وَلَاتَفْصِيلٍ، مَعَ اَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي اَنْ تُفَصَّلَ، لَكِنْ خَوْفاً مِنَ السَّآَمَةِ وَالْمَلَلِ، فَاِنَّنَا سَنَكْتَفِي بِاِشَارَاتٍ مُجْمَلَةٍ فِي مُشَارَكَاتٍ قَادِمَةٍ اِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى وَرُؤُوسِ اَقْلَامٍ تُنِيرُ الدَّرْبَ لِطَالِبِ الْعِلْمِ لِيَعُودَ اِلَى الْمَرَاجِعِ الْمُفِيدَةِ اِنْ اَرَادَ اَنْ يَتَوَسَّعَ فِي دِرَاسَاتِهِ، وَسَلَامُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَبَرَكَاتُهُ مِنْ اُخْتِكُمْ فِي اللهِ غصون وَآَخِرُ دَعْوَانَا اَنِ الْحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِين

  رد مع اقتباس