عرض مشاركة واحدة
قديم 22 / 07 / 2006, 20 : 06 PM   #4
المهند الطيب 
وئامي نشيط

 


+ رقم العضوية » 19830
+ تاريخ التسجيل » 03 / 07 / 2005

+ الجنسْ »

+ الإقآمـہ »

+ مَجموع المشَارگات » 822
+ معَدل التقييمْ » 10
شكراً: 0
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة

المهند الطيب غير متواجد حالياً

افتراضي

مع ذلك، لم ينته الشد والجذب بين المنظمة والدولة، وخصوصاً مع انتخاب جولدمان رئيساً للمنظمة عام 1956. وقد تجلَّى ذلك في المؤتمرين الصهيونيين الخامس والعشرين (1961) والسادس والعشرين (1965)، حيث أكدت المنظمة من جهة ضرورة تجديد حيويتها المفقودة منذ تأسيس الدولة مشددة على أهمية استمرار وازدهار يهود المنفى ليشكلوا الدرع الواقي لإسرائيل والمعين الذي لا ينضب بالنسبة إليها في الخارج ضمن هدف شامل عنوانه تأمين بقاء الشعب اليهودي. ومن جانب آخر، أصرت إسرائيل على أن القضية الأساسية ليهود العالم (وللمنظمة بالتالي) هي تقوية إسرائيل بالهجرة إليها لا بتهجير الأموال فحسب، وعلى أساس مركزية إسرائيل في كل الأمور، فذلك هو الكفيل بضمان بقاء الشعب اليهودي في العالم أجمع.

وبالفعل أُجري تعديل في صيغة برنامج القدس (البرنامج المعتمد للحركة الصهيونية) في المؤتمر الصهيوني السابع والعشرين (عام 1968) حين أُضيفت إليه فقرة تنص على وحدة الشعب اليهودي وعلى مركزية إسرائيل في حياته، وعلى تجميع الشعب اليهودي في وطنه التاريخي (إرتس يسرائيل) عن طريق الهجرة من مختلف البلدان، ثم تدعيم دولة إسرائيل والحفاظ على هوية الشعب اليهودي من خلال تشجيع التربية اليهودية واللغة العبرية والقيم الروحية والثقافية اليهودية. كما نص على حماية الحقوق اليهودية أينما كانت. ويؤكد برنامج القدس المعدل الغلبة الحاسمة لإسرائيل على المنظمة. ولكن صيغة هذا البرنامج تتضمن افتراضات أخرى كامنة تتناقض مع الافتراضات الظاهرة. فالمطالبة بحماية الحقوق اليهودية أينما كانت والحفاظ على الهوية اليهودية من خطر الاندماج تتضمنان اعترافاً بأن حالة الشتات حالة نهائية وستستمر في الوقت الحاضر على الأقل. إذن فصيغة البرنامج تقدم تعريفاً أكثر مرونة للصهيونية وتسلِّم بالأمر الواقع، أي بانقسام الحركة الصهيونية إلى اتجاهين، توطيني واسـتيطاني، لكلٍّ تعريفه الخاص للشـعب اليهودي. وقد سُحبت في ذلك العام أيضاً إحدى أهم مهام المنظمة/ الوكالة وهي استيعاب المهاجرين اليهود. كما أقر المؤتمر تحويل المنظمة إلى حركة عامة تفتح باب العضوية للمنظمات والهيئات اليهودية القُطرية والدولية التي لا تنتمي إلى الاتحادات الحزبية أو القُطرية الصهيونية ما دامت تقبل برنامج القدس. وقد تخلَّى جولدمان خلال هذا المؤتمر عن رئاسة المنظمة، الأمر الذي كان يعني سقوط آخر معاقل المقاومة داخل المنظمة أمام السيطرة الإسرائيلية.

ومع ذلك، جرت مواجهة أخرى بين المنظمة والدولة خلال المؤتمر الصهيوني الثامن عشر (1972) حينما تقدَّم بعض الصهاينة الاستيطانيين بمشروع قرار ينص على أن زعماء المنظمات الصهيونية الذين لا يستوطنين في إسرائيل بعد فترتين من الخدمة يفقدون الحق في ترشيح أنفسهم مرة أخرى. وإزاء ذلك، انسحب كل مندوبي الهاداساه احتجاجاً على الاقتراح. ولم يَعُد وفد الهاداساه المنسحب إلى قاعة المؤتمر إلا بعد أن قرر منظمو المؤتمر أن مشروع القرار المقدم لم يكن دستورياً، وهكذا فقد جرى تحويله إلى توصية وحسب حتى تتفق كل الأطراف المتنازعة.

وخلال المؤتمر التاسع والعشرين (1978)، طُرحت هذه المسألة، مرة أخرى، على أيدي الصهاينة الاستيطانيين وعلى رأسهم آرييه دولتسين رئيس إدارة الوكالة اليهودية والمنظمة الصهيونية الذي دعا إلى ضرورة هجرة كبار المسئولين الصهاينة إلى الدولة الصهيونية بعد انقضاء مدة محددة من عملهم في المنظمة. وقد أثار ذلك الاحتجاج الشديد من قبل الصهاينة الأمريكيين، الأمر الذي أدَّى مرة أخرى إلى التوصل إلى حل وسط تحرَّر بموجبه قرار المؤتمر السابق مؤكداً ضرورة الهجرة إلى إسرائيل كواجب على أعضاء الحركة الصهيونية العالمية ولكن دون إضافة نص يُلزم بتحقيق ذلك فعلاً. وقد جاء ذلك بعد فشل مهمة اللجنة العقائدية للمنظمة الصهيونية التي تشكلت عام 1974 لمحاولة إعطاء تفسيرات معاصرة للمبادئ الصهيونية التقليدية وتعريف الصهيوني وتحديد واجباته. كما فشلت اللجنة في حَسْم مسألة ما إذا كان على الصهيوني كي يكون صهيونياً حقاً أن يهاجر إلى إسرائيل. وقد ظل الخلاف مستحكماً بين الصهاينة الاستيطانيين والصهاينة التوطينيين الأمريكيين حيث أصر الأخيرون على أنه إذا كانت الهجرة واجباً مطلوباً على المستوى المثالي النظري فإنها ليست شرطاً لازماً لتحقيق الذات الصهيونية. وفي حين أكدوا مركزية إسرائيل، فقد طالبوا بالتعاون ضمن إطار المشـاركة. ورفضوا اعتبار وجودهم في الشـتات هامشياً، كما رفضوا إصرار الاستيطانيين على اعتبار اليهود أمة مرتبطـة بوطـن، واكتفوا بالحديث عن شـعب واحد دون ارتباط بوطن محدد.

ولعل من أهم أسباب تآكُل وكالة المنظمة الصهيونية العالمية، وهامشيتها وتبعيتها للدولة، فقدان الصهاينة التوطينيين الشرعية بوجودهم في الخارج. وكذلك، فإن كثيراً من المهمات التي كان يُفترَض أن المنظمة ستكون مسئولة عنها بعد إنشاء الدولة أصبحت تضطلع بها منظمات وهيئات يهودية غير صهيونية (بالمعنى التنظيمي على الأقل)، وخصوصاً في الولايات المتحدة. فمنذ قيام الدولة لم يأت المتطوعون أو المهاجرون إلى إسرائيل من بين صفوف الصهاينة بل جاءوا من بين صفوف الجماعات اليهودية في العالم. وحتى بالنسبة إلى هؤلاء، لا تستطيع المنظمة الادعاء بأنها ساعدت على هجرتهم، فأغلبهم (سواء القادمون من العالم العربي أو ضحايا الحرب العالمية الثانية أو حتى اليهود السوفييت) جاءوا إلى إسرائيل نتيجة ظروف موضوعية طارئة وليس نتيجة دوافع أيديولوجية. كما أن نسبة كبيرة من المعونات التي حصلت عليها الدولة لم تأت من خلال الجمعيات والمنظمات الصهيونية وإنما جاءت من خلال جيوب أعضاء الجماعات اليهودية المتعاطفين مع إسرائيل، الأمر الذي يعني أن المصادر المالية والبشرية أصبحت تقع خارج المنظمة الصهيونية. ومنذ عام 1968، وبعد فتح الباب أمام المنظمات والهيئات اليهودية التي تقبل برنامج القدس للانضمام للمنظمة، تزايد اختراق هذه الجهات للإطار التنظيمي للمنظمة مثل: الاتحاد السفاردي العالمي، واتحاد مكابي العالمي والاتحاد العالمي لليهودية التقدمية، والمجلس العالمي للمعابد، وغيرها.

ومنذ عام 1967، أصبحت هناك صعوبة في إيجاد أي تمييز حقيقي بين المنظمات الصهيونية والمنظمات اليهودية غير الصهيونية، حتى أن أعضاء هذه المنظمات الأخيرة أصبح يُطلَق عليهم لقب «الصهاينة الجدد»، وخصوصاً منذ مؤتمر قيساريه (ويُعرَف أيضاً باسم «عملية قيساريه») الذي انعقد عام 1981بين ممثلي المنظمة الصهيونية العالمية وممثلي قادة الجماعات اليهودية ومنظمات الجباية اليهودية الأعضاء في الوكالة اليهودية ونتج عنه قبول الأعضاء غير الصهاينة برنامج القدس مقابل إعادة صياغة بعض المهام التقليدية لكلٍّ من الوكالة الصهيونية والمنظمة الصهيونية. ومما يُذكَر أن قادة الجماعات اليهودية وزعماء منظمات الجباية يمارسون ضغطاً متزايداً منذ السبعينيات والثمانينيات ليكون لهم قدر أكبر من الرقابة والسيطرة على الوكالة اليهودية وللحد من تسييسها ومن سيطرة المنظمة الصهيونية عليها (وخصوصاً أن عمليات الجباية تواجه صعوبات متزايدة نتيجـة عوامـل ديموجـرافية عـديدة تتصل بالجماعـات اليهودية)، وكذلك للحـد من تزايـد احتياجات الجماعات المحلية، الأمر الذي يستدعي توافر قدر أكبر من الموارد المالية لها.

  رد مع اقتباس