عرض مشاركة واحدة
قديم 26 / 07 / 2009, 33 : 06 AM   #3
wafei 
مدير عام المنتديات

 


+ رقم العضوية » 1
+ تاريخ التسجيل » 16 / 04 / 2001

+ الجنسْ »

+ الإقآمـہ »

+ مَجموع المشَارگات » 37,668
+ معَدل التقييمْ » 10199
شكراً: 265
تم شكره 102 مرة في 99 مشاركة

wafei غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مذكرات : مغتربة في الأفلاج ...


مذكرات مغتربة في الأفلاج (3)
إلى الأفلاج
حدقت في الورقة الكبيرة الملصقة على الحائط في مقر ديوان الخدمة المدنية.. إنها أماكن تواجد الوظائف الشاغرة تأملت كثيرا في مناطق توفر هذه الوظائف من باب التسلية، بدت غريبة علي جدا ولا أعرف أفي الشمال هي أم الجنوب بدأت بالقراءة العرين – المندق – الليث- فرسان – العيص – سكاكا... إلخ.
كنت أتساءل هل هذه الأماكن موجودة في المملكة؟
خاصة لمن هم مثلي لم يغادروا عتبة الباب إلا إلى المدرسة أو الجامعة أو إلى بيت جدي في أحسن الأحوال.
استوقفتني فكرتي المجنونة لبعض الوقت ولا بد من الجنون في حالة اليأس التي وصلت إليها... أربع سنوات من الوقوف في طوابير الخدمة المدنية دون جدوى.فماذا بعد؟ ما ادخرته من مكافآتي أيام الجامعة والتي يشكو البعض من أنها لا تكفيه صرفته ولم يتبق لي إلا بعض الريالات والتي أدعو الله أن يسعفني بالوظيفة أو الموت أو الزوج والأمنية الأخيرة تبدو مستحيلة التحقيق قبل أن تنفد هذه الريالات، ومن ناحية أخرى لا أريد أن أعود لأبي أمد يدي إليه كل أسبوع بعد أن أدركت كم كان فرحا باستقلالي عنه فحالته المادية ليست على ما يرام (كصحته تماما) وكان يعتقد أن مهمته تنتهي بوضعنا على أبواب الجامعة لتبدأ مهمتنا نحن في منحه بعض الراحة بعد عناء عمر بأكمله.
يا إلهي.. كم أشعر بالذنب، ليتني رزقت بزوج يخفف العبء عن أبي.
مرات كثيرة كنا نتمازح أنا وصديقتي ليلى عندما نقرأ عن غلاء المهور وأقول لها كم ستطلبين مهرا فتقول خمسة عشر ألفا فقط وأنت، فأقول ضاحكة سوف أسأله كم عندك ؟ لو قال عندي ألفا سأقول ( هات الثمانمئة وخل ميتين مصروف جيبك )
ترد عليّ ليلى ساخرة ( والله محدن درى عنك) ولو إني اعتقد أن لو أعطوك واحداً منحة بيحط عليك فلوس ويرجعك وتقهقه ضاحكة وأنا أكاد أموت حنقا وغيظا.
بعد عودتي للبيت هاتفت (ليلى) التي تقاسمني خبز المعاناة كما يقولون، أخبرتها بفكرتي ..وبشكل مباشر وسريع: ليلى أنا قررت.. سوف أقدم على وظيفة خارج المنطقة أو في المناطق النائية ولن أتراجع.. فكان ردها سريعا كذلك : دعينا نجرب حظنا، بصراحة لم أتوقع ردها بل اعتقدت أنها ستتخلى عني فأنا ليس لدي ما أخسره أما هي فمخطوبة لابن خالتها وتنتظر فقط أن ينهي دورته التدريبية في الرياض ويعود لتتم إجراءات الملكة والزواج، لا أعلم شيئا عن موقفه تجاه ما ستقوم به ليلى لكنه يعرف كل شيء بالتأكيد ، ذهبنا في اليوم التالي للاستفسار، نظرت إلينا الموظفة بنظرة احتقار ثم قالت: هل اخترتن المكان؟ قلنا نعم .. الأفلاج
لم نكن نعرف الأفلاج وأنا شخصيا لم أسمع بها إلا على لسان مذيع النشرة الجوية في القناة الأولى من قبل لكن ما شجعني على اختيارها أنني سمعت إحداهن تقول إنه مكان قريب من وادي الدواسر ونحن كما تعلمون مرتبطات عاطفيا بوادي الدواسر من أيام جغرافية المملكة والسؤال الذي مل منا وملينا منه: عددي أهم الأودية في المملكة. لم أفق من التفكير بوادي الدواسر إلا والموظفة المتقززة تمد لنا بورقة وهي تقول: خذي هذه الأرقام أنتي و ياها واتصلن وروحن في اليوم اللي يحددونه لكن، كل شيء كان غامضا إلا وضوح عزيمتنا.
في بيت ليلى .. افترشنا أنا وهي خريطة كبيرة جدا اشتريناها بما تبقى لدينا من نقود وجلسنا عليها نأكل سندويتشات الفلافل ونشرب البيبسي وننقل أبصارنا هنا وهناك على سطح الخريطة بحثا عن هذه المنطقة الغامضة التي ننوي الرحيل إليها بعد أن أقنعنا والدينا بالأمر الذي بدا لبعض الوقت ضربا من المستحيل، ومع آخر قضمة من الساندويتش وقعت أبصارنا على الأفلاج التي رحبت بتخصصاتنا أنا وهي اللغة العربية والكيمياء.
كل شيء تم بسرعة حتى قبولنا.. وطلبوا منا الحضور خلال خمسة أيام من إعلان الأسماء. كنا من أوائل المعينات على بند (105) التعيس الذي لم نكن نعرف دهاليزه المظلمة بعد ولم تشرح لنا موظفة الخدمة معنى هذا الرقم فقط قالت إن الراتب أربعة آلاف ريال فقط ولا يحق لكن طلب أي زيادة قبل خمس سنوات .

  رد مع اقتباس