عرض مشاركة واحدة
قديم 08 / 02 / 2003, 05 : 01 PM   #1
نداء 
وئامي مجتهد

 


+ رقم العضوية » 5352
+ تاريخ التسجيل » 18 / 01 / 2003

+ الجنسْ »

+ الإقآمـہ »

+ مَجموع المشَارگات » 141
+ معَدل التقييمْ » 10
شكراً: 0
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة

نداء غير متواجد حالياً

افتراضي الصداقة ...ثم الصداقة

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

احدى الصديقات (الله يرعاه ويحفظها ) ارسلت لي هذا المقالالجميل عن الصداقة .......
الموضوع طويل قليلا ...لكن يستحق القراءة

واليكم المقال..
تحتفي الحياة - أول ما تحتفي- بالذين يزرعون الصداقة ، ويسقون شجرتها الطيبة، فهل أنت واحد من هؤلاء ؟
دعني أولا أذكرك بأنك لا تعيش في الدنيا وحدك وأن العزلة محال .
فمهما تحاول أن تنطوي على نفسك أو تعتزل الناس ، فإن لك بالآخرين ارتباطات ظاهرة ومخبوءة ، تربطك بهم وتجمعك وإياهم في لقاء .
حين تجلس- مثلا - في خلوة تطالع كتابا، وتحمد العزلة التي أنت فيها، أتظن أنك ساعتئذ في عزلة ؟؟
أبدا، فهذا الكتاب الذي بيمينك( سنترال) يصلك بعدد كثير من الناس من غير أن تدري .
فهناك مؤلف الكتاب يعيش معك ويؤثر فيك، وهناك الذين تأثر بهم المؤلف نفسه وأثر بعضهم في بعض، تنتظمهم سلسلة طويلة ورتل طويل .
لا تصدق أنك تستطيع الحياة بغير أصدقاء .
ولا تصدق اليأس حين يلقي في روعك أن الصداقة أسطورة، وأن الناس- جميع الناس- ذئاب ، وليس عليك لكي تكشف مزايا الصداقة وحتميتها، ولكي تعلم أن الأصدقاء في الدنيا كثيرون ،إلا أن تبدأ أنت فتكون صديقا، جرد من نفسك قاضيا على نفسك وأدنها قبل أن تقف من الآخرين قاضيا وخصيما ، فإذا بدا لك منها قصورها وتقصيرها ، وإذا تبينت أنه ينقصك الكثير من خصال الصديق وسماته ، فاعلم أنه من هنا غمت عليك رؤية الصداقة ورؤية الأصدقاء ، فما الصداقة ؟
الصداقة سلوك تعبر به النفس عن حاجتها إلى نظير ، وهي مشاركة خالصة بين اثنين أو أكثر ، على مستوى عال من النبل ، والتفاهم ، والإيثار .
وكما تبذل جهودا عظيمة : لكي تظفر بإجازة علمية كبرى ، عليك أن تبذل جهودا مماثلة ، لكي تظفر بصداقة صادقة . إن جهلنا بحقيقة الصداقة يحرمنا من مباهجها الباقية .
فإذا شئت أن تكون صديقا ، وتنعم بالأصدقاء فأدرك حقيقة الصداقة جيدا ، وهيئ نفسك لتحمل تبعاتها النبيلة ، وضع نفسك على الغرار الذي تتحمله الصداقة . ويومئذ لن تندب ندرة الصحاب لأنك ستجدهم كثرا مباركين ، ولن تشكو غدر الأصدقاء لأنك ستجدهم أوفياء مؤثرين .
زود نفسك بفضائل الصداقة وعبئها بهذا المدد الكبير من الحب والخير ، ونم فيها نزعة الإيثار حتى تتسع وتتراحب لإيلاف الناس جميعا . كن صديقا لمن تعرف ولمن لا تعرف ، افرح لكل فوز شريف يناله إنسان – وإن كنت لا تعرفه – وتهلل لكل خير ينزل بساحة إنسان – وإن كنت تجهله - ، وأسهم في حل مشكلات الذين يدفعهم إليك الأمل فيك ، وإن لم تربطك بهم رابطة دانية .
إن الإنسان الذي لا تكون نفسه مهيأة للخير العام ، عامرة به ، هيهات أن تواتيه القدرة على أن يكون صديقا ، ولو مرة واحدة ، فالصديق رجل كبير لا يعرف قلبه الحقد ، ولا يعرف ضميره عدم الاكتراث ، ولا يضن على الناس كافة بما معه من رحمة ، و حنان ، ونجدة .
وقد تسألني : كيف أختار صديقي ؟
وأجيبك قائلا : استفت قلبك ؛ فأنت أدرى الناس بالصديق الذي تريده ، ولكن لا ينبغي أن تسمح للرغبات الرخيصة أن تستهويك مظاهرها ، أو يضلك زيفها . فاختر صديقك في ضوء الإنسانيات الرفيعة ، وفي ضوء القيم العليا التي لايهبنا الخير غيرها ، ولا يرفعنا عاليا سواها .
لا تخترالصديق لثرائه ولا لجاهه ؛ فالحياة كثيرا ما تسخر من أصحاب هذا الاختيار بأن تخبئ لهم في الطريق خيبة أمل عريضة ، تفاجئهم بها في قهقهة وشماتة .
لا تختر مهذارا ثلابا .. يسليك بالتندر على الناس ، فهذا الذي يهبط بحياتك إلى أدنى الحضيض ، والذي يقول اليوم " لك " فيضحكك ، سيقول غدا " عنك " فيبكيك .
لا تختره حاقدا شعار حياته " سحقا للناجحين " ، فإن العواطف معدية ، وصحبتك لهذا التعس تجعلك مثله تعسا .
لا تختره من الذين يرون الحياة لهوا ، ولعبا ، و(سيجارا) ، فإن الحياة في صحبة هؤلاء ، تتحول إلى نفاية ويباب ، بل اختر الصديق الذي يرى في نجاح الآخرين نجاحا له وحسن ثواب . اختر من لحياته قيمة بما يبذل من جهد ، وبما يلتزم من واجب ، وبما يمارس من دور عظيم ..
ولكي تحتفظ بأصدقائك ابذل وفاءك بغير حساب .. فالوفاء لا ينقص بالبذل وإنما ينمو ويزيد .. ولا تظن أن الوفاء مقايضة ، فهو يولم لك ، فتولم له .. وهو يهدي إليك فتهدي إليه ، وهو يزورك فتزوره . إن هذه مع أهميتها قشور ، إذا لم تفعم بواطنها بروح الوفاء .
ساعد صديقك على أن يهرع إليك بأسراره وهو مطمئن ..فنحن جميعا تمر بنا تلك الأوقات التي ننوء فيها بأثقال أنفسنا ، ونبحث عن الإنسان الأمين الذي نستطيع أن نفرغ أمامه همومنا ونخرج له خبء أنفسنا ، ونكشف له كل ذواتنا الباطنة ، وشؤوننا الخاصة ، ونفتح له أبواب مملكتنا التي لا يعرف أسرارها أحد سوانا .. وحين يسر إليك أحد بخاصة أمره ، فهو في الحقيقة يدعوك لتحمل عنه بعض همه .. فكن نبيلا ، واجعل لسر صديقك حرمة . إن حفظ السر أصدق دلائل الرجولة والقوة ..
والإنسان الذي يضع أسرار الآخرين على طرف لسانه الثرثار لا يساوي رسم " شهادة الميلاد " التي لا يملك من مظاهر الحياة سواها ..
والصداقة كالكائن الحي ، تحتاج دوما إلى غذاء وري . فلا تسلم صداقتك للفتور أو الشك .. تعهدها دائما كما يتعهد البستاني الحاذق زهور الحديقة وثمارها . اسقها بالكلمة الحلوة وبالبسمة الحانية ، وبالنظرة الصافية ، وبالمجاملة الصادقة ، وبالمشاركة النبيلة وبالثقة الوطيدة ..
والصداقة خِلطة دانية ودائمة ، وكل خِلطة بين اثنين عرضة للعثرة وسوء الفهم ؛ فوطد نفسك على النسيان والصفح ، ولا تجعل أعصاب الصداقة مشدودة متوترة . وطن نفسك على أن تكون للمعاذير عندك حرمة ، وللعثرات من تسامحك نصيب . وإذا اعتذر صديقك عن خطأ أتاه ، فتقبل اعتذاره بطريقة تنسيه خطأه .. ولا تلح عليه في تذكيره بخطئه ، ولا تكن في عتابه لجوجا .
فهناك وصية حكيمة قالها الرسول ، عليه الصلاة والسلام :
" من أتاه أخوه متنصلا – أي معتذرا – فليقبل منه ، محقا كان أو مبطلا " .. بالله ما أروعها !
هذه العبارة الفاصلة " محقا كان أو مبطلا " ؛ ذلك أن الاعتذار يتضمن الاعتراف بالخطأ ، ويتضمن الرغبة في العفو.
فالذي لايستجيب وجدانه لمثل هذه المواقف استجابة كريمة ، لا يكون إلا صاحب إنسانية متخلفة تتسم بالبلادة والجفاف ..
والصداقة اهتمام حافل بالرغبة في الخدمة ، وإبداء العون فلا تحمل همومك إلى صديقك .. ثم تعطه ظهرك حين يحمل إليك همومه . لا تطالبه بالتفكير من أجلك وتخلي نفسك من مسؤولية التفكير معه ، ومن أجله . لا تفض في الحديث إليه عن نفسك ، ثم تنصرف عنه حينما يحدثك عن نفسه . ولا تعامله كطفل ، فتجامله مجاملة تستر عنه أخطاء يجب أن يتبينها ، أو تشبع فيه غرورا يجب أن يتخلى عنه ..
لا تخذل طموحه العادل ، ولا تثبط همته الواثبة ؛ ولا تتخلف عن نصرته حين يستنصرك ولا تجعله يفقدك حين يحتاج إليك .
هناك نوع من الناس ، لا يمكن الاعتماد عليهم إلا حينما لا تكون ثمة حاجة إليهم ..
فلا تكن واحدا منهم ، ولا تتخذ لنفسك صديقا من بينهم ، فعظمة الصداقة أنها تحمل مسؤوليات لا تفرضها قرابة ولا دم ، وإنها لتحملها في غبطة تجل عن النظير .
ضع عينك على محاسن صديقك دوما ، وتحدث معه بشأنها ، وامنحها ما تستحقه من تقدير وتوقير .


لا تنسوني من دعائكم
اختكم في الله
بنت الاسلام ..نداء

فلا تكتب بقلمك غير شئ ..يسرك في القيامة ان تراه

 

  رد مع اقتباس