لم يعد عالم الأطفال في حالة بعد عن المفاهيم والموضوعات التي يقرأها الكبار أو تهم عالم الكبار دون الأخذ بالاعتبار لإمكانية الدخول إليها من بوابة الانترنيت ، إلا أن الموضوع هو عملية الاختيار لمتابعة الموضوع والرغبة في الاختيار لموضوعات يشعر الطفل انه بحاجة إليها دون غيرها، فالطفل في بحثه لا يهمه إلا إدراك الصورة والحركة والمثير الشكلي الذي يدعوه إلى الدخول في عالم القراءة. ولكن ماذا يجب إن نأخذ بالحسبان حين الشروع بالكتابة إلى الطفل؟ هل المفهوم مهم أم التشويق أهم؟ وكيف نأتي بالقيم والمفاهيم إلى النص دون ملل وحشو؟
بالتأكيد لا يوجد نص أدبي دون رسالة ولا رسالة دون مفردات تعني تقديمه إلى القارئ بشكل غير مباشر، وهذا هو الأسلوب الذي يميز كاتب عن آخر، فالشعارات والحكم والأمثال بقدر أهميتها وتأثيرها في اقتباس الدروس والعبر إلا أنها رسالة مباشرة يميل الإنسان إلى استرجاعها وقد لا تؤدي رسالتها المباشرة حين يشعر الطفل إنها لا تعنيه بالمرحلة الحالية، ولكن العبرة والحكمة التي تأتى على شكل نص قصصي فأنها تترسخ في ذهنية الطفل ( الطفل يميل إلى استعادة القصص في شطرها المروي / المصور لتمثيلها في حياتها حتى ولو كانت على لسان الحيوانات) في قصة-حكمة نص يهمه التعلم منه بدون مباشرة.
من المعلوم إن سيكولوجية الطفل ليست بالعادية في تعاملها مع المفاهيم- القيم فهي شخصية تدرك وتستوعب وتقارن ولكنها صعبة القبول لمفاهيم الحشو المعرفي والإجبار في القبول. نحن لا نزرع الشوك في طريق أطفالنا بنص صعب –ذو لغة عالية- حكم موضوعة دون تحليل وتشويق-نص خال من الصور-نص فيه بلاغة واستعارة كثيرة وترميز كبير لا يدركه الطفل. نحن بحاجة إلى نص يمتلك مقومات فتح الأبواب لطفل اليوم على عالم الغد وهذا يتطلب من المربي الذي يكتب إلى الأطفال إن يكون على دراية :
لمن يكتب وما هي المراحل العمرية التي نكتب لها.
ما هي الرسالة التي نروم الوصول إليها من خلال الكتابة؟
متى نزود الطفل بالمعلومة وعلى لسان من –فالشخصية التي تحاور الطفل من خلال النص لها تأثير كبير على قبولها أو رفضها فالحديث في نص القصة على لسان الأسد هي ليست كالحديث على لسان الخنزير.؟
ماذا نعد من الطفل في رسالتنا أليه ؟
هل نكتب لطفل اليوم إلى عالم الغد من أننا نغلق عليه الأبواب؟
هل ما نكتبه اليوم له تأثير على الطفل في عالم الغد؟
إن الطفل موضوع صعب الدخول إلى عالمه دون إن نعرف كيف نرسم له خطوات المواصلة إلى عالم القراءة، فان الطفل يتصفح ما يثيره ويحفز عنده الإدراك الحس-حركي –المعرفي لمواصلة رحلة المعرفة، ففي عالم أصبحت فيه الموضوعات بقدر نسمات الهواء ، تكون المهم اصعب لمربي لا يستطيع إغلاق أبواب المعرفة التي تفتح أبوابها بسهولة ، ولكنها أحيانا أبواب تؤدي إلى آلتيه المعرفي والتشويه السلوكي.
فلنافي عالم الطفولة فضاء لا ينتهي ، ومساحة إبحار في موضوعات تدعو الطفل للمتابع والقبول والرضا والتشكيل السلوكي الذي نريده دون إن نضع الطفل في منعطف القبول والرفض دون أن نتدخل في ذلك بشكل غير مباشر فلنا رسالة كبيرة كأباء وعليهم واجب ورسالة ، لنا من تاريخنا وقيما سجل حافل مهما نكتب لن نصل إلى نقطة النهاية.
*salehalrifai@yahoo.com