أنت غير مسجل في منتديات الوئام . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا

صائد الفرص للأسهم الأمريكية والاوبشن 
عدد الضغطات  : 20009
مساحة اعلانية 
عدد الضغطات  : 15720


العودة   منتديات الوئام > المنتدى العام >  || اوْرآق مُلَوَنة ..

 || اوْرآق مُلَوَنة .. عِناق الوَاقع بقلمٍ حر ، الموَاضِيْع العَامَہْ ، للنقاش الحر والموضوعات الجاده

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 26 / 07 / 2009, 30 : 06 AM   #1
wafei 
مدير عام المنتديات

 


+ رقم العضوية » 1
+ تاريخ التسجيل » 16 / 04 / 2001

+ الجنسْ »

+ الإقآمـہ »

+ مَجموع المشَارگات » 37,631
+ معَدل التقييمْ » 10189
شكراً: 262
تم شكره 101 مرة في 98 مشاركة

wafei متواجد حالياً

افتراضي مذكرات : مغتربة في الأفلاج ...

/
مذكرات مغتربة في الأفلاج / للكاتبة : بشائر محمد

مذكرات مغتربة في الأفلاج (1)
الرحلة رقم 627


كان مكبر الصوت في محطة النقل الجماعي صاخبا .. والصالة تعج بالمسافرين والمنتظرين لرحلاتهم . أحدهم نام متوسدا حقيبته، والآخر يحاول الاستمتاع بوجبة سريعة أبعد ما تكون عن المتعة.
ويتوالى النداء بعد النداء للرحلات المغادرة، والمضحك في الأمر أنه يعيد النداء تسع مرات، وفي كل مرة يقول إنه الأخير، لكنه ومع كل هذا يفشل في كسر حالة الجمود والملل التي تهيمن على هذه المحطة ..، ونصغي جيدا
النداء الأخير (إيه هين) لركاب الرحلة 627 والمتوجهة إلى حرض الحوطة الأفلاج وادي الدواسر السليل .. الخ
ياسلام هنا أناس آخرون يعرفون الأفلاج .
ثم ينادي بلا مبالاة على الركاب المسافرين الذين أيضا بدورهم أبدوا اللامبالاة في الالتزام بالوقت لأن تأخرك عن موعد رحلتك (موب نهاية العالم) الباص بيوقف ينتظرك الين تجي ، تسافر يعني تسافر.
الأغلبية كانت من المعلمات المغتربات على ما أعتقد
سيدات يعلقن على أكتافهن حقائب بثقل أوزانهن، وبعضهن يحملن أطفالا صغارا، وأخريات اصطحبن الخادمة. علها تساعدها في هذا الحمل الثقيل غربة وطفل ومأساة.
الرجال يتفقدون حاجات نسائهم قبل الرحيل .. هذا يحمل كيساً من الفطائر والعصير، وآخر يدس في يد ابنته نقودا، وثالث يوصي زوجته أن تنتبه لطفلتها ذات السبعة أشهر . هؤلاء الرجال هم الذين يراهم المجتمع أنصاف رجال .. أو عديمي الرجولة في أسوأ الأحوال..
فتسمع أحاديث المجالس تدور حول من ترك زوجته أو ابنته تغترب من أجل المال، ويصفونهم بأبشع الأوصاف وأحقرها.
هؤلاء الرجال ينقسمون إلى عدة فئات :
إما رجل طامع يمني نفسه بعد نقل زوجته براتبها ومزايا أخرى يحلم بها
وإما مثابر ومقتنع بحق المرأة في إثبات وجودها، ولو كان عن طريق هذا الخيار الوحيد. لذلك فهو يصم أذنيه عن توبيخ المجتمع .
وإما لا مبال أصلا سواء ذهبت زوجته أو قعدت.
وإما مستسلمون خاضعون لرغبات وإلحاح بناتهم الذي وصل إلى درجة التهديد بالانتحار، كوالدي ووالد ليلى.
وركبنا الباص وتخيلت في الدقائق الأولى أنني سوف أختنق، فقد خصصت المقاعد الخلفية للرجال والأمامية للنساء والعوائل. وكانت تنبعث من الخلف روائح الدخان والعرق والمعسل خاصة لمن أتوا من مكان بعيد، وكانت منطقتنا (الأحساء) محطة للاستراحة فقط ، وأثناء الطريق يحدث أحيانا أن يمر أحد المتطفلين مخترقا صفوف العوائل والسيدات بحجة محادثة السائق أو طلب كوب من الماء، وهو يدعي الترنح بتأثير المطبات حتى يسقط على إحدى الجالسات أو بجانبها، والنقل الجماعي مشهور عند العامة بأنه مكان هؤلاء الهمجيين. لذلك كنا نحرص أن نكون بجانب النافذة واضعين الحقائب على الكرسي الفارغ .
لكن لم أعد أملك خيار التراجع وأبي مريض الضغط والروماتيزم والمفاصل ضحى بنفسه من أجلي، وقرر مرافقتي في رحلة كهذه .. كنت أفكر به طوال الطريق ..
أعلم كم يعاني، وأعلم كم يحاول إخفاء ذلك عني. لذلك لن أسامح نفسي لو حدث له مكروه لا سمح الله .
وواصل الباص رحلة التحطيم التي بدأها الدهر في عظام والدي ووالد ليلى حيث استمرت الرحلة تسع ساعات متواصلة في طرق برية وعرة وموحشة لا يتخللها إلا التوقف لأداء الصلاة، والتي نشهد قبلها قي أغلب الرحلات عادة خلافا وملاسنة حادة بين الملتزمين وغيرهم. حيث يطلب الملتزمون من السائق التوقف للصلاة في وقتها وفي أي مكان في الصحراء. بينما يرفض السائق التوقف إلا في محطات معينة حفاظا عل أرواح وسلامة الركاب. حتى إننا شاهدنا ذات مرة أحدهم وهو يشهر سكينا في وجه السائق إن لم يتوقف. حيث استجاب له قائد الباص بالتوقف، وأدى هذا الرجل الصلاة وحده في الصحراء، ولم ينزل أي من الركاب لكنه سلّم لأول نقطة تفتيش، واحتجز هناك، وواصلنا نحن رحلتنا وصلواتنا التي يفضل الرجال فيها التيمم على دخول دورات المياه ( النتنة ) التي تسكنها الأوبئة والحشرات خوفا من الأمراض، وبينما كان الرجال يؤدون الصلاة جماعة كنا أنا وليلى نرقبهما من خلف الزجاج حيث لم نجرؤ حتى على النزول خوفا وذعرا .
هذه هي المرة الأولى التي أرى فيها كيف يكابر أبي ويتجلد ، كيف يتعالى على آلامه ويصر على أن لا أنزل مع قافلة النساء إلى البقالة في إحدى المحطات ويذهب هو لإحضار ما نريد، ليقول باسما وهو على حافة الانهيار عندما أسأله ( عسى مو متكلف يابوي الطريق متعب ) أقول أنا ماعلي خوف ، خوفي عليك أنتي وزميلتك .
فيرد والد ليلى أيه والله الخوف عليهن .. وقبل أن تنحدر دمعتي تمتمت ليلى في أذني كالعادة .. وييييييييين اللي ماعليكم خوف استرح بس أنت وياه ياعسى جزاكم الجنة حرقتونا بالشاي قد ماتنافضون من التعب .
فجأة .... ارتفع صوت أحد الرجال البدو بالحداء من آخر الحافلة ، كان صوته جميلا ومؤثرا . هذه هي المرة الأولى بالنسبة لي التي أعرف فيها الخبايا المؤلمة لجملة ( سافرنا برا ). ليس لأنني لا أسافر إلا بالطائرة بل لأنني لم أسافر في حياتي قط .

  رد مع اقتباس
قديم 26 / 07 / 2009, 32 : 06 AM   #2
wafei 
مدير عام المنتديات

 


+ رقم العضوية » 1
+ تاريخ التسجيل » 16 / 04 / 2001

+ الجنسْ »

+ الإقآمـہ »

+ مَجموع المشَارگات » 37,631
+ معَدل التقييمْ » 10189
شكراً: 262
تم شكره 101 مرة في 98 مشاركة

wafei متواجد حالياً

افتراضي رد: مذكرات : مغتربة في الأفلاج ...


مذكرات مغتربة في الأفلاج (2)
في ديوان (الخدعة) المدنية

يا إلهي .. كم هي متعبة هذه الحياة
كان الطريق يهدهد أحلامنا حتى تغفو قليلا متأرجحا بنا ذات اليمين وذات اليسار.
تسلمنا الصحاري إلى التلال في رحلة أشبه ما تكون بالحلم. كنت أمد بصري بعيدا وأبكي أعاتب كل من حولي أعاتب فارس أحلامي الذي لم يأت بعد، أعاتب أمي ِلم ولدتني وأنا لا أمتلك جمالا باهرا كأختي، وأبي ليتك كنت غنيا يا أبي مثل فلان، ما كنت لأجازف بنفسي . توقفت قليلا لأسأل نفسي
هل حقا لو كان لي زوج وكان أبي غنيا لن أغترب بحثا عن وظيفة؟
لست متأكدة تماما ..
فتحت دفتر مذكراتي وقبل أن أكتب شيئا بدأت بالقراءة ......
بعد التخرج من الجامعة استجمعت كل أوراق تخرجي ووثائقي وشجاعتي وبدأت أطرق باب الوظيفة التي طالما رأيت فيها الخلاص من حالة اليأس والإحباط والحاجة والوحدة حيث لم يسعفني ما لدي من جمال قليل في أن أحظى بزوج، حتى لو كان بلا شهادة، وبدأت نظرات الشفقة تلاحقني بعد التخرج حتى من والديّ .. حيث تكون السعادة من نصيب من تحظى بإحدى الحسنيين ( الزوج أو الوظيفة ) وما عداهما فهو البؤس في صورة فتاة.
انقضت أربع سنوات أصابتني فيها الدوالي من كثرة الوقوف على قدمي عند بوابة ديوان الخدمة المدنية أو كما أسموها ( بالخدعة المدنية )علّي أحظى بوظيفة تعليمية في منطقتي حيث لا تسمح تقاليد العائلة التي بدأت أشعر أنها تلتف حول رقبتي كالحبل بالعمل في بنك أو مستشفى خوفا من مظنة الاختلاط ،قدّمت ذات مرة بدون علم أحد و بعد أن تم قبولي في وظيفة متواضعة في أحد البنوك قوبلت برفض الجميع بحجة التقاليد حتى قلت لأبي في ثورة غاضبة لا يتمسك بالتقاليد البالية إلا الفقراء أو الجهال وهذا سبب تردي أوضاعهم فأسرها أبي في نفسه إلا أنه استاء مني كثيرا. أما وظائف الديوان فكانت دائما من نصيب بعض المحظوظات واللائي تتشابه أسماؤهن كثيرا حتى أني عقدت العزم على تغيير اسمي أو جزء منه.
أمر ما أثار فضولي في ديوان الخدمة التعيس في كل المناطق هو وبعض موظفاته اللواتي أكل عليهن الدهر وشرب وأصبحن يعرفن مقاعدهن أكثر من معرفتهن أولادهن، لاشيء يقمن به في وقت الركود إلا أكل الفصفص والشاي والغيبة وفي وقت التوظيف تسمع صراخهن وتذمرهن قبل أن تدخل المبنى يميزهن في كل الفروع أسلوب فج وشراسة منقطعة النظير .
على كل حال لفتت نظري إعلانات عن وظائف شاغرة على لوحات جدارية لا تتجمهر عندها المتقدمات على غير عادتهن، بل يقتربن منها متحمسات ثم ينظرن إليها شزرا ويبتعدن اقتربت منها لأقرأ .. فإذا بهذه الوظائف في مناطق غريبة نائية لم أسمع بها حتى في نشرات الأحوال الجوية، فقد كان أقصى ما نصل إليه طقسا (العبيلة وشوالة وشرورة والنماص والمويه)
إلا أنني ورغم هذا فكرت في الهجرة إلى هناك معللة لنفسي ( مفاز باللذات إلا الجسور) لتبدأ رحلة الألم والغرابة الحقيقية في حياتي.
وفي خضم استماتتي للحصول على وظيفة سمعت من البعض عن أسماء كثيرة تحقق لك حلم الوظيفة أو النقل مقابل مبلغ من المال يبدأ من العشرة آلاف حتى الثلاثين حتى أخبرتني إحدى الصديقات أنها مستعدة لأن تعمل خيرا لوجه الله تعالى وتدلني على أحد هؤلاء رغم السرية التي أحاط نفسه بها، لم نكن نملك المال إلا أنني طلبت من أبي أن يستدين من أحد ما وأعيده من راتبي لاحقا إلا أن أبي رفض بشدة وقال إن كنت مغفلة فلسنا كذلك ...أخبرت صديقتي بموقف أبي فأعطتني رقما وقالت حادثي هذا الرجل واعرفي منه ما إذا كان يستطيع تأخير المبلغ إلى ما بعد الوظيفة أم لا. استحسنت الفكرة وهاتفته .. كان خلوقا وطيبا، أخبرني أنه متبن لقضيتنا ويسعى إلى توظيف أكبر عدد من ( البنيات ) وهذا المبلغ الكبير ليس له بل للمسؤول الكبير الذي يقوم بالتوظيف، سألته عن إمكانية تأجيل المبلغ إلى ما بعد الوظيفة. اعتذر عن هذا في البداية ثم قال حسنا سوف أرى ولكن لابد من مقابلتك حتى تشرحين لي ظروفك جيدا وتوقعين لي ورقة أثبت بها حقي، قلت حسنا أين مكانك سوف نأتي أنا وأبي ... تدارك بقوله : لالا تعالي لوحدك أو مع السائق لأن شركائي إن رأوا والدك معك في المكتب سيلزمونك بدفع كامل المبلغ، احتقرته إلا أنني وعدته أن أنظر في الأمر.
أغلقت السماعة وذهبت إلى أمي أبكي، ارتميت على صدرها وقصصت لها القصة كاملة .. هدأت من روعي وأخبرتني أن هذا الحقير كان يعتقد أنه يحادث فتاة حمقاء لم يعلم أن ( عقلك يوزن عشرة من أمثاله ) أفهمتني أنها غلطتي ونصحتني أن أطلب حاجتي من الخالق وليس من المخلوقين.

  رد مع اقتباس
قديم 26 / 07 / 2009, 33 : 06 AM   #3
wafei 
مدير عام المنتديات

 


+ رقم العضوية » 1
+ تاريخ التسجيل » 16 / 04 / 2001

+ الجنسْ »

+ الإقآمـہ »

+ مَجموع المشَارگات » 37,631
+ معَدل التقييمْ » 10189
شكراً: 262
تم شكره 101 مرة في 98 مشاركة

wafei متواجد حالياً

افتراضي رد: مذكرات : مغتربة في الأفلاج ...


مذكرات مغتربة في الأفلاج (3)
إلى الأفلاج
حدقت في الورقة الكبيرة الملصقة على الحائط في مقر ديوان الخدمة المدنية.. إنها أماكن تواجد الوظائف الشاغرة تأملت كثيرا في مناطق توفر هذه الوظائف من باب التسلية، بدت غريبة علي جدا ولا أعرف أفي الشمال هي أم الجنوب بدأت بالقراءة العرين – المندق – الليث- فرسان – العيص – سكاكا... إلخ.
كنت أتساءل هل هذه الأماكن موجودة في المملكة؟
خاصة لمن هم مثلي لم يغادروا عتبة الباب إلا إلى المدرسة أو الجامعة أو إلى بيت جدي في أحسن الأحوال.
استوقفتني فكرتي المجنونة لبعض الوقت ولا بد من الجنون في حالة اليأس التي وصلت إليها... أربع سنوات من الوقوف في طوابير الخدمة المدنية دون جدوى.فماذا بعد؟ ما ادخرته من مكافآتي أيام الجامعة والتي يشكو البعض من أنها لا تكفيه صرفته ولم يتبق لي إلا بعض الريالات والتي أدعو الله أن يسعفني بالوظيفة أو الموت أو الزوج والأمنية الأخيرة تبدو مستحيلة التحقيق قبل أن تنفد هذه الريالات، ومن ناحية أخرى لا أريد أن أعود لأبي أمد يدي إليه كل أسبوع بعد أن أدركت كم كان فرحا باستقلالي عنه فحالته المادية ليست على ما يرام (كصحته تماما) وكان يعتقد أن مهمته تنتهي بوضعنا على أبواب الجامعة لتبدأ مهمتنا نحن في منحه بعض الراحة بعد عناء عمر بأكمله.
يا إلهي.. كم أشعر بالذنب، ليتني رزقت بزوج يخفف العبء عن أبي.
مرات كثيرة كنا نتمازح أنا وصديقتي ليلى عندما نقرأ عن غلاء المهور وأقول لها كم ستطلبين مهرا فتقول خمسة عشر ألفا فقط وأنت، فأقول ضاحكة سوف أسأله كم عندك ؟ لو قال عندي ألفا سأقول ( هات الثمانمئة وخل ميتين مصروف جيبك )
ترد عليّ ليلى ساخرة ( والله محدن درى عنك) ولو إني اعتقد أن لو أعطوك واحداً منحة بيحط عليك فلوس ويرجعك وتقهقه ضاحكة وأنا أكاد أموت حنقا وغيظا.
بعد عودتي للبيت هاتفت (ليلى) التي تقاسمني خبز المعاناة كما يقولون، أخبرتها بفكرتي ..وبشكل مباشر وسريع: ليلى أنا قررت.. سوف أقدم على وظيفة خارج المنطقة أو في المناطق النائية ولن أتراجع.. فكان ردها سريعا كذلك : دعينا نجرب حظنا، بصراحة لم أتوقع ردها بل اعتقدت أنها ستتخلى عني فأنا ليس لدي ما أخسره أما هي فمخطوبة لابن خالتها وتنتظر فقط أن ينهي دورته التدريبية في الرياض ويعود لتتم إجراءات الملكة والزواج، لا أعلم شيئا عن موقفه تجاه ما ستقوم به ليلى لكنه يعرف كل شيء بالتأكيد ، ذهبنا في اليوم التالي للاستفسار، نظرت إلينا الموظفة بنظرة احتقار ثم قالت: هل اخترتن المكان؟ قلنا نعم .. الأفلاج
لم نكن نعرف الأفلاج وأنا شخصيا لم أسمع بها إلا على لسان مذيع النشرة الجوية في القناة الأولى من قبل لكن ما شجعني على اختيارها أنني سمعت إحداهن تقول إنه مكان قريب من وادي الدواسر ونحن كما تعلمون مرتبطات عاطفيا بوادي الدواسر من أيام جغرافية المملكة والسؤال الذي مل منا وملينا منه: عددي أهم الأودية في المملكة. لم أفق من التفكير بوادي الدواسر إلا والموظفة المتقززة تمد لنا بورقة وهي تقول: خذي هذه الأرقام أنتي و ياها واتصلن وروحن في اليوم اللي يحددونه لكن، كل شيء كان غامضا إلا وضوح عزيمتنا.
في بيت ليلى .. افترشنا أنا وهي خريطة كبيرة جدا اشتريناها بما تبقى لدينا من نقود وجلسنا عليها نأكل سندويتشات الفلافل ونشرب البيبسي وننقل أبصارنا هنا وهناك على سطح الخريطة بحثا عن هذه المنطقة الغامضة التي ننوي الرحيل إليها بعد أن أقنعنا والدينا بالأمر الذي بدا لبعض الوقت ضربا من المستحيل، ومع آخر قضمة من الساندويتش وقعت أبصارنا على الأفلاج التي رحبت بتخصصاتنا أنا وهي اللغة العربية والكيمياء.
كل شيء تم بسرعة حتى قبولنا.. وطلبوا منا الحضور خلال خمسة أيام من إعلان الأسماء. كنا من أوائل المعينات على بند (105) التعيس الذي لم نكن نعرف دهاليزه المظلمة بعد ولم تشرح لنا موظفة الخدمة معنى هذا الرقم فقط قالت إن الراتب أربعة آلاف ريال فقط ولا يحق لكن طلب أي زيادة قبل خمس سنوات .

  رد مع اقتباس
قديم 26 / 07 / 2009, 34 : 06 AM   #4
wafei 
مدير عام المنتديات

 


+ رقم العضوية » 1
+ تاريخ التسجيل » 16 / 04 / 2001

+ الجنسْ »

+ الإقآمـہ »

+ مَجموع المشَارگات » 37,631
+ معَدل التقييمْ » 10189
شكراً: 262
تم شكره 101 مرة في 98 مشاركة

wafei متواجد حالياً

افتراضي رد: مذكرات : مغتربة في الأفلاج ...


مذكرات مغتربة في الأفلاج (4)
فندق نصف نجمة

وصلنا إلى محطتنا المرتقبة بحمد الله بعد رحلة برية متعبة استغرقت أكثر من ثماني ساعات كنا نقنع أنفسنا فيها بأننا جئنا لاستطلاع الوضع فقط، وبيني وبينكم لم أكن لأتراجع عن الوظيفة التي بت أكثر احتياجا لها من ذي قبل حتى لو كان الراتب ألفين فقط، أتدرون لماذا؟؟ لأنني سأنظر بتفاؤل إلى المستقبل وإلى ما بعد الألفين لأن الحاجة والاضطرار جعلاني متفائلة بالإكراه.
لا خيار أمامنا بعد أن شددنا الرحال وقد استوعبنا صدمة انعدام وسائل النقل الموصلة إلى هنا إلا باصات النقل الجماعي (عسانا ما ننحرم منها) حيث أبشركم لا مطار ولا قطار.
لم يتخلل هذه الرحلة الميمونة إلا بضع دقائق لأداء الصلاة أو تناول بعض الوجبات الخفيفة من بعض المطاعم القذرة النادرة على الطريق أو بعض البقالات وكنا نفضل تناول البسكويت المغلف والمياه المعدنية خوفا من الأمراض، وصلنا بعد أن تصفحنا طوال الطريق كتاب حياتنا أنا وليلى منذ أن كنا فتيات نعلق الأكياس على أكتافنا مملوءة بالمجلات القديمة تخيلا منا بأنها حقيبة مدرسية، ومنذ أن كنا نتقلب على فراش الأحلام مترقبات لأول يوم دراسي في حياتنا حيث نخشى من إغماض أجفاننا في أهم جزء من الحلم، لذلك نبقى متيقظات طوال الليل، منذ أن كانت أمهاتنا يفككن جديلاتنا ويعدن تضفيرها من جديد تحت إلحاحنا لكي نبدو في أجمل صورة وأروع هندام ونحن نتوجه إلى فصولنا الدراسية الصغيرة، وحتى بتنا نخشى من التخرج من الجامعة خوفا من اللحاق بطابور المترقبات إلى ما لا نهاية. نزلنا من الباص فبدا كل شيء حولنا غريبا، الوجوه والمكان واللهجة والملامح كل شيء.. لم أشعر إلا وأنا أقبض بشدة على ذراع أبي النحيلة، بدت ليلى أكثر شجاعة وتقبلا للوضع مني، تحدرت الدموع من عيني، خاطبتها: ليلى لا أريد وظيفة أرغب في العودة إلى بيتنا أرغب في العودة إلى أمي.. ضحكت ليلى التي تغلب عليها النكتة حتى في أصعب المواقف وقالتها بشكل كوميدي "أبأي سلمي لي على ماما" وددت لو أطبق كفيّ على رقبتها. إلا أنها هدأت من روعي بعض الشيء. وقفنا بعض الوقت في محطة الخالدية وهو اسم المكان الذي تتوقف فيه باصات النقل الجماعي في الأفلاج وهو المكان الأكثر نشاطا حيث محطة النقل الجماعي بين مغادر وقادم بالإضافة إلى مطعم كبير ومقهى للرجال وبقالة. مكثنا طويلا ونحن ننتظر سيارة أجرة حتى عرض سائق وانيت على أبي أن يوصلنا إلى وجهتنا فشكره أبي "ما ودنا نعطلك بس يا ليت تقول لي وين ألقى تاكسى" ضحك الرجل بصوت عال وقال وهو يغالب ضحكته يبدو أنكم من أهل الشرقية؟ قال أبي نعم، قال الرجل سيارة الأجرة عندنا هي هالوانيتات وأشار إلى سيارته، شعر أبي ببعض الإحراج إلا أنه ابتسم وهو يلتفت إلى والد ليلى هاتو الشنط يا بو إبراهيم.
ركبنا ثلاثة في الخلف أبي بجانب النافذة ثم أنا ثم ليلى وركب والدها بجانب السائق وكنت أشعر بجسم ليلى يهتز من شدة الضحك إلا أنها واضعة يدها على فمها، ثم همست في أذني قبل أن تواصل الضحك أجل ليموزين أبيض ولوحة مكتوب فوقها أجرة ها؟؟ وتعود للضحك من جديد.
كنت أتأمل المباني على جانبي الطريق لا مكان للفلل الفخمة هنا ولا للعمارات التي تزيد عن الثلاثة أدوار ولا للسيارات الفارهة، العمران بدائي جدا والبيوت بها الكثير من الأخطاء المعمارية الواضحة التي تستطيع اكتشافها بسهولة وكأن من قام برسم هذا المنزل أو ذاك طفل في الابتدائية. لفت نظري وأثار استغرابي بالفعل انتشار اسم ليلى بشكل كبير.. مخبز ليلى بقالة ليلى محل ليلى للحلويات، إلى أن عرفت لاحقا أن هذه المنطقة وسط الأفلاج تسمى ليلى.
طلب والد ليلى صديقتي من السائق أن يوصلنا إلى أفضل فندق في المنطقة، وعندما نطلب الأفضل فهذا لا يعني أننا من علية القوم ولكن الأفضل في منطقة بدائية كهذه سيكون الأقل سوءا على ما نتمنى. عاد الرجل المزعج للقهقهة من جديد (هو فندق واحد ما فيه غيره وهذا احنا وصلناه) وأشار بيده إلى بناء نصفه من الأسمنت ونصفه من الصفيح ويتكون من دورين وقال تفضلوا يا هلا والله ومسهلا بأهل الشرقية.
رأيته يرفض النقود التي أعطاه أبي وحلف ما ياخذها، قائلا انتو ضيوفنا وترى ما سوينا إلا الواجب. شكره أبي وجزّاه خيرا.

  رد مع اقتباس
قديم 26 / 07 / 2009, 35 : 06 AM   #5
wafei 
مدير عام المنتديات

 


+ رقم العضوية » 1
+ تاريخ التسجيل » 16 / 04 / 2001

+ الجنسْ »

+ الإقآمـہ »

+ مَجموع المشَارگات » 37,631
+ معَدل التقييمْ » 10189
شكراً: 262
تم شكره 101 مرة في 98 مشاركة

wafei متواجد حالياً

افتراضي رد: مذكرات : مغتربة في الأفلاج ...


مذكرات مغتربة في الأفلاج (5)
أنا وورقة الاختبار.. صداقة لم تتم

في السابعة صباحا كنا أنا وليلى في المدرسة التي وجهنا إليها وهي مجمع متكامل في قرية نائية، دخلنا إلى الإدارة لتسليم خطابات المباشرة، كانت فترة اختبارات نصفية، لكن انشغال الطالبات بالمراجعة أو المذاكرة لم يمنعهن من تصفح وجوهنا جيدا وعباءاتنا بنظرات فاحصة وسمعنا بعضهن يتمتمن "شرقاويات" ولم أعرف كيف خمنّ بهذا الأمر إلا لاحقا.
دخلنا الإدارة وسلمنا كانت المديرة من أهل المنطقة، لم نكن نعرف أنا وليلى عن سكان هذه المنطقة إلا ما قرأناه في الكتب وما رأيناه في التلفاز من الخشونة وحدة الطباع والعنصرية والكرم والفزعة، إلا أن هذه المديرة قلبت لدينا بعض المفاهيم التي كنا نعتبرها من المسلمات، فقد كانت دمثة جدا رقيقة الطباع هذا بالنسبة للانطباع الأولي عنها وقد لاحظنا الكثير فيما بعد ففي الوقت الذي توقع البعض منها نصرتهن والتعصب لهن لم تكن متعصبة إلا للحق.
أخذت من يدي خطاب المباشرة وما إن قرأت عن تخصصي حتى انفرجت أساريرها، قالت لغة عربية؟ جيتي بوقتك.. نظرت لها باستغراب ولم أنطق لكنها تابعت حياك الله يا شيخة بتنبسطين معانا إن شاء الله بس خذي قلم أحمر ويالله قولي لأم سعد توريك غرفة التصحيح اليوم تصحيح اختبار مادة النحو للصف الثالث ثانوي يدك معاهم عندي معلمتين مجازات وحده إجازة مرضية والثانية أمومة ومافيه إلا معلمتين بس، تلعثمت وارتعدت فرائصي بس يا أستاذه، لكن، أنا جديدة، ما أمداني وقبل أن أمطرها بسيل من الأعذار قاطعتني، أنت روحي بس والله بيسهلها ثم ابتسمت وقالت ذكرتيني بنفسي أول يوم باشرت فيه . أشارت لي بالذهاب لكني مازلت "مسنترة" أنتظر مصير ليلى المظلم، فكأن المديرة فطنت لهذا الأمر قالت لي وش تنتظرين وقعي بالدفتر وتيسّري وقعت وتحركت وأنا أسحب خطواتي سحبا وأقول في نفسي لو كنت متزوجة من عريس الغفلة "اللي مابعد شفت خشته" ما أتيت إلى هنا، حتى استوقفني صوتها. شيخة التفت للمديرة.. سألتني.. أفطرتي؟ ولا أعلم ما إذا قلت لا أو نعم.. المهم أنهم أصابوني بالغثيان لكثرة ما أصروا أن أشرب قهوتهم وأتذوق حلاهم.
وفي غرفة التصحيح كانت أغلب المعلمات من دول عربية.. فهن إما سوريات أو مصريات وكانت المعلمة التي أعطتني حصة من أوراق النحو مصرية اسمها الأستاذة عواطف في منتصف العمر تقريبا تعلوها هيبة ووقار يوحي لك بالرهبة، متمكنة جدا في مادتها العلمية كما وصفتها المساعدة موضي.
مسكت بأول ورقة وكانت يدي ترتعش بشكل قوي لم أفلح في إخفائه وكانت عيني طائشة في أنحاء الورقة وكأنني أواجه امتحانا صعبا. إلا أنني حاولت التماسك وكنت أختلس النظر إلى الأستاذة عواطف وأقول في نفسي يوما ما كانت مبتدئة مثلي وأنا يوما ما سأصبح مثلها وكلما صححت سؤالا طلبت منها بلطف أن تراجعه معي حتى لا أظلم الطالبة في درجتها فتنظر إلى الورقة وتعطي إيماءة بالموافقة وأحيانا تبتسم للاستحسان. وورقة تلو أخرى بدأ الخوف والارتباك يتبدد من داخلي ونشأت بيني وبين الورقة علاقة ودية جعلتني أرمي بنموذج الإجابة بعيدا وأعتمد على معلوماتي التي لا يستهان بها بالمادة. فأنا خريجة جديدة بالنسبة لها ومعلوماتي حديثة لم تنس ولم تهترأ. وهذا ما جعلني أكتشف خطأ فادحا في أول يوم وظيفي بالنسبة لي.
كان السؤال عن اسم الآلة والإجابة من أسماء المبالغة وقد اعتبرناه إجابة صحيحة بناء على نموذج الإجابة التي كتبته المعلمة بخط يدها، اكتشفت الخطأ وغلبتني الحيرة كيف أقول لمعلمة خبرتها فوق الثلاثين عاما بأنك ارتكبت خطأ فادحا وأنا (حيا الله) معلمة تحت التدريب.
ولم أشأ أن أوكل الأمر إلى الإدارة حتى لا أتعرض لسوء الفهم.
استجمعت شجاعتي، اقتربت من المعلمة مبتسمة قلت لها تصدقين أني جاوبت ورقة الأسئلة كاملة قبل رؤية نموذج الإجابة ما جعلني أطمئن إلى معلوماتي لكنني أخفقت في سؤال واحد أظنه صعبا ليتك خففت عن الطالبات وحذفته.. فسألت عنه وأريتها إياه. سألت عن الإجابة الخاطئة التي أجبتها أنا فأخبرتها بها.
ابتسمت وسحبتني من أذني مداعبة لي بالمصري طبعا (إنتي بتغلّسي عليه يابت؟؟)
أنتي صح يا شيخة وأنا غلط اعتذرت لها مليا وأحرجني تواضعها، طلبت منها عدم إخبار الإدارة بالأمر سنصلح الخطأ وسوف نعيد حساب الدرجات، فوافقت لكنها فاجأتني في حضور المديرة.. وأخبرتها بالأمر، نظرت إلي المديرة وكلها فخر واعتزاز. ومنذ ذلك اليوم وأنا أنتدب لتدريس الصف الثالث ثانوي تحديدا، حتى حصلت على شهادة المعلمة المتميزة على كامل المحافظة

  رد مع اقتباس
قديم 26 / 07 / 2009, 36 : 06 AM   #6
wafei 
مدير عام المنتديات

 


+ رقم العضوية » 1
+ تاريخ التسجيل » 16 / 04 / 2001

+ الجنسْ »

+ الإقآمـہ »

+ مَجموع المشَارگات » 37,631
+ معَدل التقييمْ » 10189
شكراً: 262
تم شكره 101 مرة في 98 مشاركة

wafei متواجد حالياً

افتراضي رد: مذكرات : مغتربة في الأفلاج ...


مذكرات مغتربة في الأفلاج ( 6 )
رقصة على طريق الموت

لم يكن في المدرسة التي تم توجيهنا إليها معلمات مغتربات غيرنا، فنحن الرعيل الأول أو الثاني في الاغتراب، حيث شهد عام 1420هـ تزايدا ملحوظا في أعداد المغتربات، لذلك حرصنا على الاستفسار عن الكثير من الأشياء بل عن كل شيء ومنها السيارة التي سوف تنقلنا من المكان المفترض إقامتنا فيه وحتى المدرسة حيث المسافة تستغرق خمسا وأربعين دقيقة في طريق مفرد وعر ومتعرج .
فلن يستطيع والدي ولا والد ليلى مرافقتنا يوميا إلى المدرسة، فصحتهما لم تعد تحتمل مثل هذا، وقد صارحت إحدى المعلمات بفكرتي بعد أن شاهدت بأم عيني صعوبة الطريق ووعورته وهي أن ننقل مقر إقامتنا إلى هذه القرية مادامت هي مقر عملنا ولكنها نصحتني ألا تقيم قريبا من المدرسة فهي قرية منغلقة لايقطنها إلا أهلها ولا يقبلون بوجود أجانب بينهم على الإطلاق، فضلا عن نقص الخدمات الضرورية التي تحتاجونها، فحتى سكان هذه القرية يذهبون إلى وسط الأفلاج للتزود باحتياجاتهم الضرورية، وكانت منيرة، من بنات المنطقة وتسكن في ليلى، على خلق عال وتملك طيبة لامتناهية، قالت لي اتركي هذا الأمر لي، اليوم سآخذكن بسيارتنا إلى مقر سكنكن حتى نعرف الطريق وبعدها ستكونان معنا، فهي سيارة تنقل أكثر من معلمة، وفرا جهد أبويكما فالطريق خطر، لا أريد أن أخيفكم لكن الطريق الذي يربط بين هذه القرية ووسط البلدة يسمى عندنا ب" طريق الموت". سعدنا جدا ليس لكوننا ممن سيسلكن طريق الموت يوميا ذهابا وإيابا بل سعدنا بمبادرتها وشكرناها ووافقنا بالطبع .
في اليوم التالي جاءت لنا منيرة وزميلاتها في الخامسة والنصف صباحا وكانت السيارة السوبر والتي تسمى عندهم ( الصالون ) بانضمامنا إليها تحتوي على 12 معلمة، فكانت المقاعد الأمامية للسابقات إلى التعاقد مع هذه السيارة أو للنخبة بمعنى أصح، وفي الخلف رفعت المقاعد واصطففنا في جلسة عربية محترمة تجعلنا أحيانا نصطحب معنا ترامس القهوة والحلا والشاي والفصفص لنتسلى طوال الطريق ومنا من تأخذ قسطا من النوم ريثما نصل .
كنا نخلع أحذيتنا قبل الدخول لنتخطى الجالسات في المقدمة لأن الأنظمة لاتسمح بفتح الباب الخلفي. كان أمرا متعبا جدا ولكنه كان متعبا أكثر بالنسبة لليلى نظرا لما تحمله من زيادة في الوزن أو لأنها " بطوطة " كما نسميها، إلا أن ضحكاتها المتواصلة والنكت التي تطلقها على نفسها وعلينا تخفف من معاناتنا ومعاناتها كثيرا، فمرة تطلب تعليق حبل في سقف السيارة كي نمسك به أثناء الصعود ومرة تفكر في إنشاء كوبري يمر من فوق الجالسات في المقدمة وأحيانا تكتفي بالتعليق " حشا راكبين غواصة حربية مو سيارة " فكنا جميعا نستعد لفاصل كوميدي ريثما تنقضي فترة ركوبنا .
ورغم وعورة الطريق إلا أن سائقنا لم يكن محترفا فكان يتجاوز السيارات كثيرا بلا مبالاة حتى أوشك بنا على الموت مرات كثيرة . هذا ماجعلنا نراقب معه الطريق خوفا على انفسنا .
وحدث أنه ذات مرة كان ينوي التجاوز فقد كانت أمامنا سيارة تسير ببطء شديد نظرا لحمولتها الزائدة .. وصفية السورية تقول له يالله يا أبو عبدالله الشارع فاضي ويأتي صوت ليلى من الخلف حط رجلك يابو عبد الله مافيه أحد ولكنه كان يتجاهل صفية وليلى من باب أنه مايسمع شور حرمة .
ثم حدد هو الوقت المناسب و انطلق متجاوزا بالسيارة وإذا به يفاجأ بشاحنة كبيرة لم يحسب حسابها فاضطرب المقود في يده وأوشكنا على الهلاك لولا أن الله سلّم . فسألته زوجته التي نطلق عليها
( المحرم ) والتي أثبتت أن المحرم قد يكون امرأة وليس بالضرورة رجلا . وهي التي كانت ترافقه في جميع مشاويره عاتبته بقولها وراك يابو عبد الله؟ قبل شوي قالوا لك اطلع ماطلعت . الله لايعمينا .

  رد مع اقتباس
قديم 26 / 07 / 2009, 37 : 06 AM   #7
wafei 
مدير عام المنتديات

 


+ رقم العضوية » 1
+ تاريخ التسجيل » 16 / 04 / 2001

+ الجنسْ »

+ الإقآمـہ »

+ مَجموع المشَارگات » 37,631
+ معَدل التقييمْ » 10189
شكراً: 262
تم شكره 101 مرة في 98 مشاركة

wafei متواجد حالياً

افتراضي رد: مذكرات : مغتربة في الأفلاج ...


مذكرات مغتربة في الأفلاج ( 7 )
والله وصار لنا باص

بعد عدة دقائق استغرقتها سيارتنا حتى تستقر من موجة تأرجح مرعبة على طريق الموت ، بادرت صفية بقولها ( بو عبد الله لازم يموتنا موتة معتبرة مو أي كلام.. يعني نصطدم بشاحنة كبيرة أوجه كثير من صدمتنا بكامري ) فانفجرت المعلمات بالضحك رغم أننا لم نفق من صدمتنا وخوفنا على أنفسنا وإذا بليلى تدندن في الخلف وبشكل هستيري كوميدي ( اثنتا عشرة معلمة ماتوا من أجل صالون ) على غرار ( أربعة عشر رجلا ماتوا من أجل صندوق ) وهي الجملة التي رددها أحد البحارة في مسلسل كرتوني للأطفال. وعرفنا لاحقا أن هذا السائق لم يمنح رخصة قيادة أصلا لأنه ضعيف النظر ولا يرغب بارتداء النظارة.
على كل حال لازلنا نحاول أن نسير بحياتنا نحو الاستقرار أو هذا ما نحاول القيام به في تجاربنا المتعددة في تغيير السكن والسائق ومواعيد رحلاتنا إلى الأحساء. وما ساعدنا على ذلك زيادة أعداد المغتربات بصورة سريعة وكثيفة مما خلق لنا بيئة بديلة يجمعنا فيها نفس الهدف وهو أن نجعل حياتنا أكثر راحة وأن نوجد أسبابا كثيرة للمتعة للقضاء على البؤس الذي تولده الغربة ، ومن الأمور الرائعة التي قامت بها المجموعة هناك بعد أن فاق عدد المغتربات من الشرقية بمناطقها المتفرقة ثلاثين معلمة وانضمت إلينا بعض المعلمات من حوطة بني تميم التي كان سائق النقل الجماعي ينادي على الركاب بعد وصولنا إليها بقوله ( الحوسة ) وكنا نعتقد جادين أنها منطقة تسمى الحوسة بالفعل حتى قال ذات مرة ( حوسة بني تميم).
فأدركنا مغزاه الساخر فثار عليه عدد من الركاب الشباب خاصة أنه مقيم وليس سعودي حتى ألزموه بالاعتذار علنا ، قامت هذه المجموعة بإيجاد باص مستأجر عوضا عن باصات النقل الجماعي التي تأخذنا إلى الأحساء على طريق العودة من نجران ويصادف في أحايين كثيرة عدم جود مقاعد لنا حيث نعود بخيبتنا وشوقنا بانتظار رحلة أخرى. لذلك فرحنا جدا بهذا الباص الذي أسموه باص المعلمات لكون الركاب جميعهن نساء ما عدا السائق وكنا نحن من الأعضاء الدائمين فيه واتفقوا على أن يغادر مزودا بالفرحة إلى الشرقية يوم الأربعاء ويعود محملا بالألم يوم الجمعة.
من ناحية أخرى.. عثرنا على شقة دائمة توفيرا لبعض النقود وكانت هذه الشقة في وسط محافظة الأفلاج أو في منطقة ( ليلى ) وسميت ليلى بهذا الاسم نسبة إلى ليلى عشيقة قيس بن الملوح فالأفلاج هو المكان الذي احتضن قصة العشيقين قيس وليلى وجبل التوباد مازال شاهدا على أحداث تلك القصة ، على كل حال وبعيدا عن قصص المحبين فشقتنا هذه لا تقل سوءا عن غرفة الفندق لكن هي الوحيدة التي استطاعت تلبية احتياجاتنا فهي شقة واحدة مصممة على جزأين وسيكون الرجال في قسم والبنات في القسم الآخر.
صاحب البيت رجل أرمل طاعن في السن رث الهيئة ثقيل السمع بعض الشيء كل يوم فجرا تسمع تهليلاته تخترق حواجز غرفنا وهو خارج إلى المسجد ، ينوي الزواج حسب ما ذكر لوالدي ووالد ليلى بعد أيام قلائل حيث مضى على وفاة زوجته وأم أولاده شهر وخمسة أيام ويرى أنها مدة طويلة.
جاء بزوجته ذات يوم بعد أن أتموا مراسم الزواج عائليا كما علمنا في بيت أهلها، زرناها بعد أسبوع لنبارك لها لكننا لم نصدق أعيننا..
كان عمرها تقريبا سبعة عشر عاما جميلة هادئة رقيقة الطبع.
سألتها ليلى بفضولها المعتاد لماذا تزوجتي هذا الرجل ؟ وهل يستشيرونكم قبل الزواج ؟ بكم سنة يكبرك ؟ وهل تفكرين في الإنجاب منه ؟ والكثير الكثير من الأسئلة المحرجة وكانت (هيا) هذا هو اسمها تكتفي بابتسامة لكنها عقبت في نهاية الأسئلة بو سعيد رجل طيب وسخي وما شفت منه إلا كل خير وأنا أحبه لأنه زوجي.. وفي نهاية اللقاء قالت زوروني سأكون وحيدة.. أهلي من ( الأحمر ) وهي بعيدة جدا من هنا وأبو سعيد شرط علي ما يوديني إلا مرة بالشهر.
سمعنا هاتفهم يرن فقلنا لها هل يستطيع أهلنا الاتصال بنا عن طريق هاتفكم ( قبل انتشار الجوالات ) تعبنا من التردد على كابينات الاتصالات. فرحبت ثم قالت بشاور أبو سعيد ولو أني متأكدة أنه بيوافق. فأصبحنا نستقبل كثيرا من اتصالات أهلنا على هاتفهم.

  رد مع اقتباس
قديم 26 / 07 / 2009, 38 : 06 AM   #8
wafei 
مدير عام المنتديات

 


+ رقم العضوية » 1
+ تاريخ التسجيل » 16 / 04 / 2001

+ الجنسْ »

+ الإقآمـہ »

+ مَجموع المشَارگات » 37,631
+ معَدل التقييمْ » 10189
شكراً: 262
تم شكره 101 مرة في 98 مشاركة

wafei متواجد حالياً

افتراضي رد: مذكرات : مغتربة في الأفلاج ...


مذكرات مغتربة في الأفلاج ( 8 )
وأخيرا انخطبت

ذات يوم وفور عودتي من المدرسة جاءني اتصال غريب وعاجل من أمي نزلت مسرعة تلعب بي آلاف الهواجيس.
هاتفتها وبمجرد أن سمعت صوتها اطمأن قلبي.. شعرت أنها سعيدة قالت مباشرة جاك معرس ياشيخة داخ راسي ولفت الأرض فيني.. إيش؟ حاولت استحي بس ما يمدي، مين هذا؟ وشلون؟ وهل أهله شايفيني من قبل ولاَّ لا؟
قالت لازم تجين عشان يشوفونك ولو أنهم يقولون إنهم شاريينا ويبون القرب. ما صدقت ودي أحد يرقعني بسماعة التلفون عشان أفوق أكيد هذا حلم.
وش يشتغل يا أمي؟ ترددت أمي قليلا ثم قالت هو موظف في شركة ألبان.
(طبعا قبل حملة خليها تخيس) بس رجال والنعم والكل يمدح فيه. ثم أخبرتني أنها أبلغت أبي بالأمر.
ذهبت مسرعة إلى ليلى كانت نائمة أشعلت كل الأنوار وأدرت جهاز التسجيل إلى أعلى مدى قامت متذمرة (وشفيك؟ انهبلتي إن شا الله؟) لم أكترث قلت لها الحياة من اليوم مشرقة مضيئة يكفي ظلاما وسوادا سوف ننام في النور. سأتزوج يا ليلى ردت ببرود ومن هالمقرود اللي بياخذك؟ قلت لها ليس مهما المهم أنه يحبني.. ردت ببرودها المعهود كذلك.. يحبك ولا يحب قريشاتك؟ ما يدري ذا الأهبل أنها تطير قبل 25 الشهر.
قتلت ليلى فرحتي.. خنقتها سألت نفسي، ماذا لو كان كلامها صحيحا؟ رددت عليها هو مو محتاج لي ولا لفلوسي لأنه موظف. لم تكترث قالت طيب ألف مبروك، اطفي النور يالله ياسندريلا نبي نرقد.
أمضينا هنا وقتا طويلا اشتقنا فيه لإخوتنا الصغار وأمهاتنا وصديقاتنا وحياة تركناها وكأنها لم تكن.
والدانا بدأ الملل يتسرب إلى نفسيهما بعد أن انتهت كل الحكايا والذكريات بعد أن أطلقا لها عنان البوح طوال الليالي التي خلت، ودواء أبي قد نفذ ولم نجده هنا وأخبرونا أن أقرب مكان للتزود بمثل هذه الأدوية هو الرياض وجاءت قصة خطبتي. فأصبح هاجس زيارة الأهل وشيكا لكن لم نكن نعرف كيف ومتى؟ وهل يوما الخميس والجمعة كافيان لزيارة ممتعة؟ بعد أن نخصم ثماني عشرة ساعة للطريق ذهابا وإيابا.
طلبنا من المديرة نصف إجازتنا الاضطرارية والتي كانت عشرة أيام ذلك الوقت حتى نبقى بين أهالينا أسبوعا واحداً على الأقل فوافقت بعد جهد جهيد.
عدنا على متن نفس الباص الميمون قبل أن يأتوا بباصنا المستأجر لكني لم أكن لأشعر بالوقت أو أحادث أحدا كنت أفكر بهذا الفارس الذي جاءني في وقت لم أتوقعه، وهل يا ترى سمع بي فأحبني أو أن أخواته شاهدنني في مكان عام فارتحن لي.... وكنت أتخيل ثوب العرس وشقتي والحفلة وأحذية المعازيم.. كل التفاصيل كانت حاضرة.
جاؤوا لرؤيتي ورأيته من النافذة فصعقت.. الشاب وسيم جدا أجمل مني كثيرا وأصغر مني بثلاث سنوات عاطل عن العمل على ما يبدو يدرس في إحدى المدارس الليلية للحصول على شهادة الكفاءة.
سألتهم لماذا أنا بالذات؟ قالوا هو ما يبي إلا مدرسة..... بس بشرط تكون رسمية مو متعاقدة ضحكت من الألم والحسرة أحسست بالغبن والقهر تمتمت في نفسي عاد هو من زين وجهه بعد عشان يتشرط. فاشل وله عين. أضافت أخته سيذهب معك إلى أي مكان إن أردت.
طلبت مهلة للتفكير، وخرجت محملة بكل إحباطات الكون ولن أقبل به، قبل اليوم كنت أتمنى أن أحظى بأي زوج، أي رجل يقبل بي أما الآن فلا أريد أن أتزوج برجل متسلق يبحث عن رجولته الضائعة في راتبي لن أتزوج بمن يتجاهل إنسانيتي ومشاعري وكل همه أن يتزوج ببقرة حلوب أو دجاجة بياضة تأتيه في نهاية كل شهر بغلة لا يحلم بها كإنسان فاشل انعدمت خياراته في الحياة. أخبرت أمي برفضي وحملت حقائبي وأقفلت راجعة من حيث أتيت وسط ذهول أمي التي حاولت أن تثنيني عن قراري وقالت حتى لو تزوجك لأنك معلمة فقط تأكدي يا ابنتي ستنشأ بينكما مع مرور الوقت مودة ورحمة تغلب كل المصالح، كلام أمي لم يقنعني ولم أغير رأيي فكانت الغربة والابتعاد عن نظرات أهلي ملاذا قاسيا لي.

  رد مع اقتباس
قديم 26 / 07 / 2009, 39 : 06 AM   #9
wafei 
مدير عام المنتديات

 


+ رقم العضوية » 1
+ تاريخ التسجيل » 16 / 04 / 2001

+ الجنسْ »

+ الإقآمـہ »

+ مَجموع المشَارگات » 37,631
+ معَدل التقييمْ » 10189
شكراً: 262
تم شكره 101 مرة في 98 مشاركة

wafei متواجد حالياً

افتراضي رد: مذكرات : مغتربة في الأفلاج ...


مذكرات مغتربة في الأفلاج ( 9 )
ماتشوف شر يابو إبراهيم

في ليلة بائسة قمنا فزعات من النوم على صوت أبي ياشيخة.. شيخة.. هرعت مسرعة إليه مابك يا أبي.....
شوفي لي رقم الإسعاف يابنيتي اتصلي عليهم.. خير يابوي وش فيه؟
أجابني وبه قلق لم يستطع إخفاؤه، أبو إبراهيم مادري وش فيه يبي له طبيب.
سمعت حوارنا ليلى خرجت من الغرفة مسرعة وقد التحفت بملاءة السرير تصرخ أبوي وشفيه.. دخلت هي لتطمئن على عمي أبو إبراهيم وأنا وقعت في حيرة مؤلمة لا أحد من الرجال (الشيبان) هنا يقود سيارة ولا نملك هاتفا.. فليس أمامنا إلا أن نوقظ أصحاب البيت وقد تجاوزت الساعة الثانية بعد منتصف الليل.
قال لي أبوي خلك عند زميلتك وخففي عنها وأنا أتدبر الأمر..
سمعنا صوت الباب وأبي يطرق بكل ما أوتي من قوة على أبي سعيد حيث ردوا عليه بعد ربع ساعة على الأقل وهاتف الإسعاف. أما أنا فقد أيقنت بعد مشاهدة عمي أبو إبراهيم أنه على شفير القبر. فقد كان متشنجا وقد تسمرت عيناه في السقف وتجمع حول فمه رغوة بيضاء لكنه كان يتنفس بقوة.
ما هي إلا دقائق حتى قدم أبي ومعه أبو سعيد ارتفع صوت أبي سووا طريق يا بنات صرخت ليلى لا.. مابي أخلي أبوي بقعد عنده. كان أبي يسأل عن إمكانية إيجاد سيارة أجرة لإسعافه إلا أن أبا سعيد قال لن تجد هنا تاكسي مهما حاولت على الأقل تمشي نص ساعة على رجليك.
كنا أنا وليلى نقف خلف الباب نسمع ما يقولون وصل الإسعاف وكان أبي يخاطب أبو إبراهيم طوال الوقت حتى حمله المسعفون قل لا إله إلا الله يابو إبراهيم اذكر الله.. اذكر الله يابو إبراهيم
لا تجزع.. قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا..
وأعتقد أنه كان يريد أن يتأكد ما إذا كان فاقدا للوعي أم لا.
امتد انتظارنا أنا وليلى حتى الثامنة صباحا وكانت في حالة يرثى لها وبين نوبة من البكاء وأخرى تسألني: شيخة برجع مع أبوي ولا بدونه؟ وش أقول لأمي؟ أقول لها أنا اللي قتلت أبوي؟ ورغم أني كنت أهدأ من روعها إلا أن أسئلتها تزرع الخوف أكثر في نفسي.
جاء أبي فقمنا إليه بسرعة.. كانت أسئلة ليلى متلاحقة وسريعة
قال لها اطمئني يا ابنتي إن شاء الله خير وبنوديك العصر تشوفينه.
يعني وش فيه ليش صار كذا؟
هنا لم يجد أبي طريقا للهرب.. جلطة خفيفة وعدت على خير تمر ما تضر إن شاء الله. سقطت ليلى على الأرض سكبت الماء على وجهها احتضنتها وبكينا طويلا.
العصر واجهت ليلى الحقيقة التي لا تقبل المواربة ولا التجزئة. شلل نصفي وعدم القدرة على النطق ولم يسمحوا لنا بالدخول لأنه كان في غرفة العناية المركزة.
ولأن عمي أبو إبراهيم ليس لديه أولاد وإبراهيم اسم تكنى به تيمنا وتفاؤلا بقدوم الولد الذي لم يأت. فإن ليلى اتصلت بأختها الكبرى وزوجها وأخبرتهما بالأمر كي يتدبروا أمر نقله إلى هناك.
كان أسبوعا كئيبا يخيم عليه الحزن لم تذهب فيه ليلى إلى الدوام وكانت تمر بحالة نفسية سيئة وتردد أنا السبب..
أما عمي أبو إبراهيم فقد نقل بسيارة إسعاف مستأجرة إلى الشرقية وكان يتحسن ببطء شديد.
عادت ليلى مع أهلها وتركتني أواجه الوحدة والهم والألم ويرعبني هاجس فقد والدي الذي هو الآخر يعاني من اعتلالات صحية.
كنت أطمئن على ليلى ووالدها بالهاتف استقرت حالته لكنه مازال مشلولا معتلا لا يستطيع الكلام أو الحركة.
عادت ليلى بعد غيابها الأسبوع الثاني على التوالي.. لكنها ليست ليلى التي أعرف واجمة طوال الوقت اختفت روح الدعابة والمرح من حديثها.. قالت لي تعرفين؟ لم أكن أنوي العودة مجددا لكن أخواتي أصررن علي، قلن إنه قضاء الله وشيخة أخت لك ووالدها والدك، قلت لها وهل كنت بحاجة إليهم لتدركي مثل هذا الأمر؟ لكننا أنا وأنت ياليلى نواجه مصيرا مظلما وإن لم نتحرك عاجلا سينتهي كل شيء.

  رد مع اقتباس
قديم 26 / 07 / 2009, 40 : 06 AM   #10
wafei 
مدير عام المنتديات

 


+ رقم العضوية » 1
+ تاريخ التسجيل » 16 / 04 / 2001

+ الجنسْ »

+ الإقآمـہ »

+ مَجموع المشَارگات » 37,631
+ معَدل التقييمْ » 10189
شكراً: 262
تم شكره 101 مرة في 98 مشاركة

wafei متواجد حالياً

افتراضي رد: مذكرات : مغتربة في الأفلاج ...


مذكرات مغتربة في الأفلاج ( 10 )
ست معلمات وكفيل

.. أخذت أذكر ليلى بما نسته على ما يبدو.
هل نسيت موعد أبي في آخر الشهر القادم ياليلى؟ سيجري عملية في ركبته ولن يستطيع العودة معنا..
إذا نقدم استقالاتنا يا شيخة.
أقول لك شيء؟ كنت متوقعة نتراجع ونفشل بس مو بهالسرعة.
أجبتها لن نستسلم بسهولة...
اسمعي.. أنا عرفت أنه فيه معلمات مغتربات جدد مثلنا يعني، موجودات في (ليلى) بكرة بسأل عنهن وبشوف هن كيف مدبرات أمورهن.
نظرت لي ليلى طويلا ثم قالت: وش تقصدين ننضم لهن يعني؟
إيه وش فيها؟ بس خلهن يوافقن قبل.
صمتت ليلى ولم تعقب.
سألت واستفسرت كثيرا طوال يومين ثم رتبت لي إحداهن موعدا مع باقي المجموعة.
ذهبنا أنا وليلى إلى مكان إقامة المعلمات اللواتي تعرفنا عليهن مؤخرا.. كان منزلهن أحسن بكثير من مقر إقامتنا وأكبر بل كان في منطقة جديدة عمرانيا عددهن أربع معلمات اثنتان من القطيف وواحدة من الهفوف ورابعة من قرى الأحساء وواضح جدا أن أمورهن أكثر استقرارا مني أنا وليلى.. وكانت معهن امرأة أخرى كن يقلن إنها زوجة كفيلنا.. تملكتني الدهشة واعتقدت أنهن غير جادات، همست ليلى في أذني سعوديات وكفيل؟؟
تبادلنا الكثير من الأحاديث وأبدين قبولا لنا وارتياحا ووافقن مبدئيا عل انضمامنا إليهن. حتى سألت ليلى.. وهل أزواجكن معكن بصفة مستمرة؟ أم يحضرون بالتناوب؟
أجابت إحداهن لم نأت برفقة أزواجنا معنا الكفيل علي زوج أم حسن، لم نفهم أنا وليلى بالضبط ماذا يعنين بالكفيل كما استغربن هن عدم معرفتنا أنا وليلى بهذا المصطلح (الكفيل)
قالوا هو رجل يأتي هو وزوجته معنا يقوم بكل شؤوننا من مراجعة إدارة التعليم إلى شراء احتياجاتنا إلى إيصالنا إلى أي مكان نريد وزوجته هي الوسيط بينه وبيننا.. إذا الحياة بالنسبة لهن بلا مشاكل. سألتهن هذه الخدمات التي يقدمها لكم الكفيل مقابل ماذا؟
ضحكت إحداهن قالت مقابل ماوراك ودونك.... لم أعقب فتداركت
شوفي..
يأخذ ألف ريال من كل واحدة منا شهريا بدون أجرة التوصيل للمدرسة التي قد تصل إلى 500 ريال حسب بعد المدرسة عن بيتنا. ونتقاسم فيما بيننا إيجار المنزل والغذاء والغاز وفواتير الماء والكهرباء والهاتف
قالت ليلى وماذا يتبقى من الراتب؟
ردت لا شيء بل قد نكون مديونات في آخر المطاف.
ونحن واقفنا على انضمامكما لنا لنخفف بذلك بعض التكاليف المادية فتقسيم إيجار المنزل مثلا على سبعة أشخاص أفضل بكثير من تقسيمه على خمسة.
لم يكن أمامنا خيار آخر.. أصبحت المعلمة المغتربة مصدر رزق لهؤلاء الباحثين عن وظيفة.
قمنا بنقل أثاثنا القليل ودفعنا لهن بالإضافة لمبلغ الكفالة مديونيات فرضنها علينا كمشاركتهن في شراء الفرن والغسالة والثلاجة وإلا فإن استخدام هذه الآلات سيكون محرما علينا. كان البيت كبيرا ولكل واحدة منهن غرفة مستقلة، ورغم وجود غرف إضافية إلا أننا قررنا أنا وليلى أن نقيم مع بعضنا في غرفة واحدة توفيرا للمصاريف وحتى لا نشعر بغربة مضاعفة في وسطهن.
سلمى من القطيف حادة الطبع ذات صوت عال ناقمة متذمرة أغلب الأوقات هجومية ودائما في شجار مع زوجة الكفيل لأنها تحاسبها على الهللات قبل الريالات متزوجة ولديها ابنتان تركتهما عند أمها وأتت بحثا عن مستقبل أفضل.
دلال من القطيف ورغم أنها تشبه سلمى في بعض صفاتها إلا أنها منطوية على نفسها ولا تخرج من غرفتها إلا نادرا، متزوجة ولديها ولد واحد، تأتي به أحيانا مع خادمتها.
زهرة من الهفوف ـ وسط الأحساء ـ متزوجة ولديها ولدان وابنتان، تعلو وجهها الشاحب مسحة من حزن دفين لا تبدده نكاتها وروجها المرحة وضحكاتها التي تبدو للوهلة الأولى وكأنها نابعة من القلب. لا تضع الميك أب إلا نادرا لا تهتم بنفسها ودائمة التفكير في أبنائها، مرهفة الحس وكثيرة البكاء.
حكيمة.. من إحدى قرى الأحساء غير متزوجة وعمرها تجاوز الثلاثين.
بشعة المنظر والمخبر دائما تغتاب الآخرين وتسعى بالنميمة وتدعو للمواجهة مما يؤدي إلى اصطدام الزميلات ببعضهن ونشوء حالة من العنف المضاد، ولو كان بالكلام فقط، إلا أنها متدينة ظاهريا دائمة التسبيح والاستغفار.

  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مذكرات, مغتربة, الأفلاج


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
حظر رواية "مغتربة في الأفلاج" للكاتبة بشائر محمد الليث الابيض && قناة الوئام الإعلآمي 3 15 / 05 / 2010 30 : 06 AM
مذكرات عاشقه>>لك فقط عاشقه حبيبي  بوحْ الشعِر والنثر .. 4 19 / 06 / 2006 38 : 04 PM
مذكرات صرصور غيث السماء  ||ترفيه وَمسآبقآت 7 02 / 05 / 2004 37 : 02 PM
مذكرات فتى طائش نداء  || اوْرآق مُلَوَنة .. 4 15 / 06 / 2003 49 : 10 PM
مذكرات بعوضة Shahd  ||ترفيه وَمسآبقآت 1 08 / 03 / 2002 25 : 08 PM


الساعة الآن 46 : 01 PM بتوقيت السعودية


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
new notificatio by
9adq_ala7sas
[ Crystal ® MmS & SmS - 3.7 By L I V R Z ]