هنا تاتي الإجابة التي انتظرها شاعرنا من تلك الفاتنة التي اقتحمت حياته فدافعها الى ذااااك الحب واي دافع هو اقوى
دافع قوي كانت قوته كفيلة باعادة قلب شاعرنا لينبض بالحب
وهي تنفي ان يكون دافعها في ذلك الفضول وشتان بينه وبين
الحب فمهما بلغت درجات الفضول من قوه فلن تكون مدانية
لقوة الحب ,ثم تدلل تلك المحبوبة على قوة هذا الحب لتصفه
بالابتلاء الذي لم يكن لها بد من الاستسلام والانقياد له
يشير لنا الشاعر هنا الى مدى استغرابه ان يكون هذا الحب من
هذه بعينها التي حصنت قلبها (هي ايضا ضحية تجربة حب) واقفلته بانواع القفول (قفول ) جمع كثرة فلم يقل اقفال والا لكانت
جمع قله . والفرق جلي بين الجمعين
كيف في لحظة تآكل بابه بسبة حلا ؟
سؤال استنكاري به يتعجب الشاعر كيف استطاع ان يعبر الى هذا
القلب المحصن والمقفل بانواع الاقفال الذي لم تتآكل اقفاله فقط
بل تآكل بابه كله بسبب (الحلا ) وهنا تورية اكثر من رائعه فالشاعر ورى بمعنى اخر غير مايتبادر الى الذهن فالمتبادر الى الذهن ان الحديد يتآكل بسبب (الحلا ) اي تآكل الحديد بسبب الرطوبه ولكن الشاعر قصد بمعناه (الحلا ) من الحلاوه واللذة
وهي حلاوة لايعرفها من وافي الا من عاشره وعرفه عن قرب
اسمعيني والله الشاهد على اللي لك باقول
..........اشهد الله اني اللي مبتلى في هالبلا
يدير شاعرنا هنا دفة الحوار بينه وبين محبوبته ليعطي النص
حركة وحيوية تضفي روح التشويق على المتلقي وهل هناك
اجمل من حوار الاحبة
اسمعيني / فعل امر وفيه محاولة من الشاعر لاستيقاف محبوبته
ومقاطعتها ليبين لها حقيقة حبه لها, وحينما نتحدث عن الحوار
وتوظيف الشاعر له بالوقت المناسب لمحاولة تشويق المتلقي
فاننا نقول ذلك بعد ان لمسنا ان الاسئلة كانت من طرف واحد
في الابيات السابقة مما يجعل النص بحاجة الى حركة ولنقل هو
ذكاء من الشاعر حاول فيه خلق بيئة مسرحية فيها الكثير من الحركة والحوار المتأجج بغرض تهيئة المتلقي للانتباه لما سيشرع
فيه وهو وصف محبوبته ليبرهن له سبب تعلقه بها ولكن قبل ان
نشرع في ابيات وصفه لمحبوبته دعوني اقل ان الشاعر هنا على
الرغم من جمال المعنى الذي اراد الا انه وقع في تكرار كان بغنى
عنه في قوله مبتلى في هالبلا /والعبد دايم مبتلى
فاتنة تأسر اولي الالباب واصحاب العقول
..........جيت اصد العين عنها وتلت القلب وتلا
كنا نقول ان الشاعر اراد ان يذكر لنا صفات هذه الفاتنة التي فعلت
به مافعلت ليدلل لنا على جمالها واستحقاقها هذا الحب منه
فهي (فاتنة ) نكرها الشاعر هنا وهو تنكير للتعظيم فهي في نظره
لا يستدعي ذكرها تعريفها فهي اكبر من ان تُعرف .
( تأسر اولي الالباب ) الأمر هنا فيه اسر وكر وفر فشاعرنا هنا
يخيل اليه انه في ساحة للحرب ولا ادل على ذلك من سرده لمعاني الحرب من دق للطبول واسراج للخيول.
(اولي الالباب ) و (اصحاب العقول )
وهل هناك فرق بينهما , نعم فأولي الالباب هم اصحاب العقول
الراجحه الكاملة لذلك دائما مانجد في القرآن ( لأيات ٍ لأولي الالباب) وليس كل من له عقل من اولي الالباب فالشاعر لو قال
تأسر اصحاب العقول لكان الامر سهل فكثير من الناس لهم عقول
ولكنهم ليس لهم لب , وكأننا بالشاعر هنا يريد بيان عظم امر هذه الفاتنه التي لم يقف اثرها على اصحاب العقول بل تعداها الى
اصحاب العقول الكاملة !!!
جيت اصد العين عنها : شاعرنا هنا لم يقل صددت عيني وانما قال (جيت ) اي نويت ولكنه لم يفعل (عينه طويله ) ولو قلنا لشخص اخر اكمل جيت اصد العين عنها وتلت ........ لقال تلت
العين اي اجبرتها على النظر اليها ولكن شاعرنا قال تلت القلب
اي انها لم تجبر عينه فقط بل اجبرت حتى قلبه اذا فالأمر يتعدى
حدود جمال الجسد الى جمال الروح ولا يستدعي القلب الا القلب
وراح يتبعها وبدروب الهوى طق الطبول
.............لين شيطان الهوى غنى يالالا يا لا لا
هنا يخرج صاحبنا من حدود العقل الى الجنون (وحق له )
ولعلنا نلاحظ (دروب ) لم يقل (درب ) والدارج بين الناس (درب الهوى ) ولكن شاعرنا هنا سلك جميع الطرق المؤدية الى الهوى
والهوى مرحلة متقدمة من (الحب ) الذي بدأ بنظرة اجبرت قلبه
على الانقياد لتصل به الى مرحلة الهوى
وحينما نقول ان شاعرنا دخل في مرحلة الجنون فنحن لانبالغ في
ذلك فهو وهو المعروف قدره ومكانته اصبح يسير قلبه على اثار
هذه الفاتنه مغنيا ( يا لا لا يا لا لا )
وارقصت من فوق قلبي واسرجت فيه الخيول
.......وطاب رقص الغانية والقلب عنها ماسلا
رقص , واغاني, وطبول ,وتصاعد لنبضات قلب شاعرنا تجعله
يخيل اليه ان نبضات قلبه وقعا لحوافر خيل مسرجه, وطاب رقص
الغانية هنا استقرار وقرار لرقص هذه الغانية في نفس الشاعر
ولا ادل على ذلك من استخدامه لفعل الأمر (طاب ) الذي يدل على
الاستقرار
(رقص الغانية ) رقص + فتاة قد استغنت بجمالها عن اضافة اي شئ اليه لتتجمل به = عدم السلوان عنها
هذه هي المعادلة مستحيلة الحل في حياة شاعرنا فالنتيجة (والقلب عنها ماسلا )
هنا صفات حسية تختلط باخرى معنوية جعلت صاحبنا يهيم بمن احب لعل ابرز هذه الصفات (طول العنق ) (عنق ريم ) ولكن هل طول عنق الريم (في الصحارى ) يختلف عن ريم (بين الخمايل والحقول ) الجواب ( لا ) اذا ( بين الخمائل والحقول ) من وجهة
نظري حشو لايزيد المعنى شيئا (وجهة نظر )
الصفة الثانية : صفة حسية وهي النعومة تلك النعومة التي تجعل
حتى الزهور تتحاشى ان تلامسها عند تمايلها حتى لاتجرحها فهل
رأيتم جسدا انعم حتى من اوراق الزهور (معنى وتصوير اكثر من رائع)
مترفة ومدللة حسب المبادئ والاصول
..........والحضارة والبداوة في طبايعها دخلا
هنا صفة ثالثة : (معنوية )
وهي ترف ودلال ولكنه ترف ودلال مقنن فهو حسب المبادئ والاصول , في صاحبتة اختلطت الحضارة بنعومتها ورقتها بالبداوة في عفتها وشموخها
ريقها سكر نبات وحكيها حكي معسول
............وضحكها مايترك من الهم هم ماجلا
صفة رابعة (حسية ) شبه فيها الشاعر ريق محبوبته بسكر النبات
صفة خامسة (حسية ) يشبه كلام محبوبته وكانه قد مزج بالعسل
صفة سادسة (معنوية ) هنا شاعرنا لايصف لنا صوت ضحكات
محبوبته بل ينتقل بنا الى اثر هذه الضحكات التي تجلو عن سامعها
الهم .
حبها مايعترف لا بالمواسم والفصول
..............هكذا الحب الحقيقي هكذا والا فلا
صفة سابعة (معنوية ) وهي اعظم الصفات التي وصف بها شاعرنا محبوبته وهو ان حبها لايعترف بموسم معين او فصل محدد بل هو حب ازلي يغرد خارج بوتقة الزمان , حب جعل شاعرنا يجزم بأن هذا هو الحب الحقيقي ويؤكد لنا ذلك بقوله هكذا والا فلا (وقد صدق )
وصفها اعظم بس يعني! وش بخلي و وش باقول
...........الاكيد ان الحلا منها وهي كل الحلا
شاعرنا هنا يرى ان وصف محبوبته هو اعظم مما قال فهو غير قادر على ان يصف كل جمالها ولكنه يجعل الحلا مستمدا منها فهي المصدر الحقيقي للجمال فإن كان هناك جمال فهي مصدره
(وليس بعد هذا الوصف وصف )
اشكرك لهذا الاهتمام الذي اوليته القصيدة
وهذا بلا شك فخرٌ للقصيدة وكاتبها
واشكرك ايضاً لهذه القراءة الجميله والرائعه والتي لم احظى بها ولم تحظى بها قصائدي مسبقاً
فكنت انت السباق لهذه الخطوة والتي بلا شك تعني لي الكثير
أنت ِ آخر من تمنى وأنت ِ أول من يطول
............وأنت ِ أول وأنت ِ آخر من ينال ومن ولى
استاذي
اذا كانت المحبوبة تفردت بأنها " أول من ..وآخر من "
فأنت ايضاً تفردت بأنك " اول من تفرد بقراءة قصيدتي وأول من شرفني بذلك "
ذلك التفرد وذلك الاهتمام الذي بلا شك سيكون له اهميته في مشواري الشعري .